نتفق جميعًا أن مفهوم الثقافة الحقيقية لا ينتهي بتوقف الأنشطة، بل يبدأ دورها الحيوي ويندمج مع الوطن وأبنائه بمختلف المستويات والمجالات، وهنا تتواصل وتستمر في دفع الوعي وتمرير الأمل والانتصار للحياة.
فمن خلال المثقف والفنان يكون توجيه الرسائل الحقيقية بالإبداع والابتكار، وكل ذلك يتم عبر شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، هذا المنفذ الذي بات يجمع العالم، وينفتح عليه ليكون أقرب من بعضه البعض، فمن واجبهم أن يكون حاضرًا بثقافة وطنه، ويعكس مستوى وعي واستيعاب وانطلاقة توجّه المتلقي والمتابع نحو الإيجابي.
لقد كان موقف القيادة في التعاطي مع الأزمة الصحية العالمية موقفًا جريئًا ويشهد له بالمسؤولية والالتزام والوقاية، وهو ما انعكس إيجابًا كثقافة مجتمعية، ومن خلال قيادتنا كانت مواقفنا الثقافية التي التفّت حول حكمة القيادة، وبادرت بتعليق فعالياتها ونشاطاتها، ولكنها بقيت على تواصل مع جمهورها ومتلقيها عبر الإنترنت بتحويل الأنشطة إلى رسائل توعية ومحبة للوطن.
نحن الآن أمام تحدٍّ خارقٍ لذواتنا ومبادراتنا لجمهورنا ولمتابعينا؛ لأننا أمام معركة لبث الوعي والثبات على المعرفة، وتقدير الإيجابية والتفاعل بأمل وتفاؤل بأننا سنتجاوز هذه المرحلة؛ لنعبر إلى بر الأمان بثقة أكبر في تعاوننا، وبثقة أكبر في طواقمنا الطبية والأمنية التي تسهر على ضمان الأمان الحقيقي لنا.
في ظل كل هذا يبدأ دور المثقف والمثقفين والمسؤولين، كلّ في اختصاصه بالتنظيم والمبادرة باللون والريشة، بالحَرف والقلم، بالفيديو والصورة؛ لنوثّق لمرحلة مهمة في تاريخ البشرية، كنا فيها حكماء ومتوازنين، فمن الضروري الآن أن نلتف حول كل القطاعات؛ لنكون أكثر تفكيرًا في مستقبلنا التنموي، وأكثر نشاطًا بأن نخلق مبادرات في الرسم والقصة والكتابة والنقد والخط والتوثيق أيضًا لهذه المرحلة، نطرحها عبر المواقع الافتراضية وصفحات المواقع الاجتماعية؛ إذ من واجبنا نشر كل جديد ونشر معارف متنوعة تجمع التسلية بالإفادة.. أن نضيف كتبًا ونخلق تحدي القراءة، ونفتح منصات نقاش، أن نستغل وجودنا عبر هذه المنافذ، ومن خلال مساحات الفراغ التي نعيشها في عدم الكفّ عن المعرفة والاطلاع والمنافسة، وهذا ما وجدناه من بعض القطاعات الثقافية الحكومية، وبعض الاجتهادات الذاتية.
وفي مثل هذا الظرف الحساس، يجب أن نكثّف جهودنا بين الثقافة والإعلام لطرح كل جديد لتمرير كل إيجابي لتفعيل طاقاتنا لما يمكن أن يُعيدنا أقوى، فأبناؤنا بحاجةٍ لكل جهد منا، وبما أننا مثل هذا العالم ليس لنا من منفذ تواصل سوى هذه المساحات، فلماذا لا نستغلها لنرتقي ونعي ونتعلم، عبر صفحات، وعبر مواقع تُفسح المجال للمثقفين والمتابعين لطرح أفكارهم ومبادراتهم وتوجيهها حتى يكون هناك تواصل وتعاون، قادرًا على خلق الثقة وإقرار الجدوى الأساسية للثقافة التي من شأنها أن تعمّم الوعي بمرونة تلامس الكل.
yousifalharbi@