فجأة أصبح الشرق وأحداثه يتصدر عناوين نشرات الأخبار العالمية، ويحتل اهتمام الساسة الكبار، وتأتي الهند متصدرة بعد الصين ليس بانتشار مرض الكورونا على الرغم من أنها الجارة الملاصقة للصين، فقد أعلنت إصابة ثلاثة هنود منذ نهاية شهر يناير فقط إنها حصيلة أقل من عدد القتلى الذين وصل عددهم إلى خمسين قتيلا جراء موجة عنف طائفية ذهب ضحيتها هنود مسلمون، ما ينذر بوضع غير مستقر قد يؤخر الهند عن ما حصلت عليه للتو. ولطالما أعاق هذا الصدام المتأزم مسيرة الهند في الكثير من الأمور، ولكنها لم تتوقف عنده فقد احتلت المركز الخامس كأقوى اقتصاد في العالم بحسب تقرير إنجليزي نشره موقع فاننشيال إكسبريس يؤكد على أن حجم الاقتصاد الهندي بلغ 2.94 تريليون دولار متفوقا على الاقتصاد البريطاني الذي بلغ 2.83 تريليون دولار، والاقتصاد الفرنسي الذي وصل 2.71 تريليون دولار. وحقق اقتصاد الهند في 2017 طفرة حين تخطى اقتصاد فرنسا ليصبح سادس أكبر اقتصاد في العالم.
ليس ذلك فحسب، فالرئيس الأمريكي الذي شن حروبا اقتصادية على العديد من الدول أبرزها الصين، يبدو أنه راضٍ عن الهند التي زارها قبل أيام وأعلن عن اتفاق تجاري كبير معها قد لا يرى النور هذا العام، وتعتبر الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري للهند بعد الصين، بلغ حجم تجارة السلع والخدمات بينهما عام 2018 نحو 142.6 مليار دولار.
وبسبب الوضع الداخلي للهند فإن الاقتصاد الهندي الذي يحتل المرتبة الثالثة آسيويا، يتعرض لتذبذب بين صعود ونزول في نسبة النمو، وهكذا كان مؤشر الصعود متذبذبا في العام المنصرم، فقد قام البنك الدولي بخفض توقعات النمو للهند في أكتوبر 2019 من 7.5 % إلى 6 %، وحذر من تباطؤ «خطير» قد يضعف بدرجة أكبر القطاع المالي، وكان في أبريل الماضي أشار للتوقعات القوية للهند وتكهن بنمو يصل إلى 7.5 % للسنة المالية. وقال البنك إنه يتوقع أن يتعافى الاقتصاد الهندي تدريجيا لينمو 6.9 % في السنة المالية 2020-2021.
في حين جاء في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، لصندوق النقد الصادر قبل أيام: إنه في الربع الثالث من عام 2019، كان النمو في اقتصادات الأسواق الصاعدة (بما فيها الهند) أضعف مما كان متوقعا، وذلك في الأساس بسبب الصدمات التي شكلت عبئا على الطلب المحلي. ويعكس مسار النمو العالمي حدوث انخفاض حاد متبوع بعودة مجموعة من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية ضعيفة الأداء والواقعة تحت ضغوط (بما فيها البرازيل والهند والمكسيك وروسيا وتركيا) إلى مستويات نمو تقترب من المعايير التاريخية.
هذا التذبذب وتلك الأحداث لا تمنع من أن يكون الهند المنافس الوحيد للصين في الوقت الراهن، ويعول عليه الاقتصاد العالمي كثيرا، إلا إذا استدرجته الأاحداث الأمنية، فلديه فرصة مواتية ليحل محل الصين، ويعيد التوازن بالتدريج فأزمة كورونا تفقد الاقتصاد العالمي توازنه.
@hana_maki00