لا شك أن تكليف الدكتور ماجد القصبي وزيراً للإعلام، والجهود التي سيبذلها في تحسين وتنظيم منظومة الإعلام، وقائمة من المتطلبات التي سترفع بكل تقدير لكل القائمين في السابق من المسؤوليات التي ستصاحب التغيير الثقافي والإعلامي الذي تشهده المملكة مؤخرا، والتفاعل بينهما يثري بشكل كبير ويُعلي من درجة المسؤولية التي تنتاب كل الفاعلين من كلا القطاعين لتقديم الأفضل وللمبادرة بالفكرة والمطلب من خلال هذه التغييرات التي تصب كلها في مصلحة صورة السعودية ونجاح مخططاتها التنموية ونهضتها الاجتماعية والاقتصادية والبشرية.
وكل هذا يدفعنا لنحاول أن نقدّم مقترحا لـ«قناة تلفزيونية ثقافية» بشكل ومضمون جديد ومختلف ورؤية أكثر توهجا، تهتم بالمتابعة الثقافية لجميع المناطق، فالقناة الثقافية السابقة افتتحت وأغلقت بهدوء بعد 8 سنوات عمل نمطي، فلم تستطع مواكبة الطموحات المنتظرة بمضمونها، ولا يقف مقرحنا هذا عند المثقف والمهتم بل يتعدى ذلك ليصل مداه إلى تكوين قاعدة جماهيرية واجتماعية تحتاج المعرفة والاطلاع، إضافة إلى أن كل جهد ثقافي سيكون مرتبطا بالتعريف الإعلامي وتسليط الضوء على التطورات والانفتاح الثقافي والفني للوطن، كما يخلق أيضا حسا تفاعليا ورصدا سيشكل إسهاما في تنشيط الثقافة وشراكة أكثر لكل الفئات الاجتماعية.
إن المغزى من الرغبة في استحداث قناة ثقافية في هذا التوقيت، هو مزيد من تكثيف الوعي المجتمعي في المجال الثقافي، لا نريد كمثقفين مجرد قناة مليئة بالحشو المعلب، بل نرغب في قناة بمثابة منارة للثقافة، قناة بإمكانها أن تترجم التحول الذي تعيشه المملكة بشكل دقيق للعالم أجمع، أما المضمون فهو الآخر يجب أن يكون ذا مستوى مرتفع من الجودة في ما يتعلق بالمواد التي تبث، بحيث لا تقتصر على تقارير إخبارية بل متابعتها بمستوى بحث وتحليل ورصد، إضافة إلى التكفل بالعرض المباشر للملتقيات والاهتمام بالفعاليات، وتقديم برامج في مختلف الفنون بشكل فني راق، مع التعريف بالفنون التراثية والشعبية واستضافة شخصيات ثقافية سعودية، وتقديم برامج تعليمية تهتم بالثقافة الفنية ومتابعة آخر الإصدارات السعودية أدبيا وفنيا وبصريا، إضافة إلى إطلاق قناة تلفزيونية خاصة تبث الأرشيف الثقافي السعودي والوثائقيات الثقافية حتى تقدّم للأجيال الحالية نظرة على الماضي وتطلّعا يستفيد من خلاله معرفيا.
إن السؤال الذي يطرحه البعض عن غياب البرامج الثقافية الجاذبة هو سؤال واقعي ويعكس ما يطرح حاليا من محتوى ثقافي، كما يجب الالتفات إلى منح خريجي الإعلام المزيد من الفرص مقرونة بالخطوات اللازمة من دعم وتدريب، كما يجب إعادة النظر في إيجاد طريقة مناسبة تقنيا لحفظ الأرشيف الكبير الذي يتوفر لدى التلفزيون السعودي الذي جمع على مدى 5 عقود، والذي يشكل فرصة للاستفادة منه مستقبلا خاصة في ظل حجم ذلك الأرشيف.
وعلى ذلك هناك التماس لمعالي الوزير في إنشاء قناتين ترفعان وتضعان الصورة الإعلامية السعودية في مجالها الثقافي والتراثي بروح معاصرة، ورغبة في ضمان صورة الرقي الدائمة للسعودية بثقافتها ومثقفيها، وهذا السعي لا يكون إلا بالتوازي مع العمل الإعلامي وحضوره وتأثيره بوصف أداة وسيطا تقف بين المثقف والمتلقي بجميع أطيافه ومستوياته، أو اعتماد البرامج الثقافية المتنوعة في القنوات مثلها مثل البرامج الرياضية والأسرية والعامة تكون بمحتوى وأسماء متخصصة إعلاميا.
yousifalharbi@