أعني بهذا العنوان أن دورات الزمن بين إثراء وإقلال وبؤس وسعادة وشظف ورغد، تعكس واقع مرحلة أو غرضا. فأثناء الفورة المالية في منطقتنا حرص القادمون إلينا على استعمال ألقاب معينة عند التحدث معنا. جاء غير العرب بألقاب لا عهد للسامع بها، كاستعمال كلمة «الشيخ» يا «مدير». ومرة حضرت جلسة للقيام بترجمة تفاوض بين طرفين، الأول سعودي من أهل الرفعة والمال والثاني مجموعة من الأمريكيين، يأملون بالفوز في مناقصة توريد، التي يسمونها عندنا «تأمين». سمعت أحد الأجانب يوجه كلامه للسعودي ويكرر «شيف فلان». ويقصد «شيخ». كما يطلق الهنود الحمر على رؤسائهم. وتعني:
الرئيس، المقدم، الزعيم، رئيسي أول، أكبر Chief
وبعض الغربيين يخلطون بين المفردة وبين كلمة (شيف) أي طباخ، وهذا أكثر إحراجا. كلمة «شيخ» تعني لغويا الرجل الكبير في السن، وقد استخدمت في القرآن والسنة بهذا المعنى، (sheikh) القاموس الإنجليزي سبق زائرينا، ففي العام 1570 ميلادي، دخلت الكلمة «شيخ» المعاجم الغربية رسميا لتعني كبير عائلة، أو ذا مقام ديني أو مرشدا شرعيا. ولها أيضا مدخل آخر في قاموس الاشتقاق أو تعليل أصل اللفظة، وهو كبير السن..
وفي لسان العرب الشيخ: الذي استبانت فيه السن وظهر عليه الشيب، وقيل: هو شيخ من خمسين إلى آخره، ومنه شيخان وشيوخ وشيخة ومشيخة ومشيخة ومشايخ. وشيخ تشييخا أي شاخ. وشيخته دعوته شيخا للتبجيل، وتصغير الشيخ شييخ وشييخ أيضا، بكسر الشين، ولا تقل شويخ.
وفي السنين الأخيرة صرنا نسمع أهل الشام ومصر يمطرون كل من يرتدي اللباس العربي بهذه الكلمة. ويريدون بها التبجيل. ولقب شيخ يطلقه المصريون من باب الفكاهة على بعض الأشخاص
مثل قولهم: ابسط يا عم الشيخ.
حتى المطاعم صارت تمنح الكلمة للمكان، فوجدنا شيخ المندي وشيخ المظبي وشيخ البيزا، وتطول القائمة وتلك أسماء مطاعم وجدت في المفردة دعاية وشهرة.
وأهلنا في الحجاز إذا أرادوا تعظيم أمر أو حدث يسبقون الوصف بقولهم: اسكت يا شيخ.
ووصلت الحال عندنا إلى كون الناس يسألون عن (جلسة الشيخ) في الأماكن التي يجدون فيها الطب الشعبي والقراءة في الماء وكتابة التمائم..
binthekair@gmail.com