ومن مثلث الشطرنج العلم، الفن، والرياضة وفي القرن العشرين، وبسبب زيادة الاهتمام باللعبة، وزيادة عدد المحترفين والهواة، وتعميق محتوى لعبة الشطرنج، ولدت الفرضيات التي تفسّر علاقة الشطرنج بهذه المجالات، فيرتبط بالعلم؛ لأننا نتعلم فيه حل المشكلات بطريقة منهجية علمية، وأيضًا ارتباطه بمجال الرياضيات والاحتمالات، ويتجلى ارتباط الشطرنج في الفنون بتعريف الفن على أنه شكل خاص من أشكال الوعي الاجتماعي، ويُعرف أيضًا بأنه (انعكاس خلاق)، إن انعكاس التفكير من خلال صور الشطرنج هو فن من أعلى المستويات، كما يمكن للجمال في لعبة الشطرنج أن يدهش الروح تمامًا مثل غروب الشمس، ومما لا شك فيه أن لعبة الشطرنج هي رياضة، ويتضح هذا الارتباط في العديد من النقاط مثل المبدأ التنافسي أو في مفهوم الرياضة العقلية كتمرين ذهني لتنشيط الدماغ وتحسين الذاكرة.
وبما أن الشطرنج في جوهره مرتبط بهذه المجالات، فهو بلا شك مكان مليء بالدهشة، سواء داخل أو خارج نطاق الـ64 مربعًا ففي ديسمبر 2018 نظمت الهيئة العامة للرياضة (بطولة الملك سلمان للشطرنج)، كنموذج مثالي أعاد صياغة تنظيم بطولة الشطرنج حول العالم، والذي تمّ ترشيحي في حينها كحكم، أتذكّر الدهشة في رؤية صراع العقول، وتجمع اللاعبين واللاعبات الأكثر مهارة والأشد ذكاء حول العالم يتبارزون بالفن والجمال والعلم لتحقيق لقب بطولة العالم في الرياض.
وعلى جانب الدهشة في اللقاءات والنقلات الساحرة، لا يمكن تجاهل الدهشة في نقلة أسطورة الشطرنج (بوبي فيشر) في اللقاء الذي جمعه باللاعب الكبير (بال بينكو) في بطولة الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1963، والذي اكتسحها فيشر بإحدى عشرة نقطة علامة كاملة حينما قرّر فيشر التضحية بالقلعة؛ ليجعل خصمه عاجزًا عن أداء أي نقلة فعّالة بعدها إلى أن استسلم.
ومن أكثر المواقف العالقة في ذهني هي لحظات تتويجي بلقب بطلة المملكة للشطرنج 2018، هذه الرقعة الصغيرة شهدت العديد من مواقف الفرح أو الحزن، لحظات الانتصار أو الهزيمة، جولات حاسمة ولحظات ترقب، إما فوزًا بالمركز الأول أو خسارة اللقب.
لكن جمال لعبة الشطرنج ليس جمال الفن وحسب، يكمن الجمال في النضال، مَن يحارب لا يستطيع اختيار مهمته حسب رغبته، لا يمكننا الفوز إذا لم تنجح الخطة، مزج القطع، وبدء اللعبة مرة أخرى هو الحل الوحيد، لا يمكن تأجيل القرار، الجمال في الالتزام الدائم بالسعي لتحقيق النصر، الجمال في محاولاتنا الدائمة لجعل المستحيل واقعًا.