أبرز التوجهات، التي تعمل عليها المملكة في الوقت الحالي ضمن إطار الإصلاح الاقتصادي الشامل هو التوجه لما يُعرف بـ «الخصخصة»، وهذا التوجه أخذت به العديد من الدول لمعالجة العديد من التحديات الاقتصادية ومحاربة البيروقراطية وتخفيف حجم الأعباء المالية للتشغيل، ويساهم في زيادة حجم مشاركة القطاع الخاص في التنمية وتطوير الخدمات المقدمة بمستويات جودة أعلى، ولا يعني ذلك غياب الدور الرقابي للحكومة على الأداء من خلال المتابعة ومحاسبة المقصرين، وللمملكة تجارب عديدة ناجحة في هذا الجانب بالرغم من محدوديتها.
خلال الأيام الماضية انتشرت أخبار عن تأسيس شركة مختصة في تقديم خدمات الاستقدام، وذلك من خلال دور رئيس لوزارة العمل في تأسيسها، وبالرغم من ضبابية صحة هذا الخبر إلا أن تداوله بشكل لافت يعني أن صحته الأقرب للواقع، وباعتبار أن هذا الخبر صحيح فهو يعتبر صدمة لشركات الاستقدام، التي تقدم خدماتها بالوقت الحالي لأنها تعتبر منافسة في غير محلها، وكوجهة نظر شخصية أعتبرها خطوة للوراء في مسيرة إصلاحات سوق العمل.
إذا كانت وزارة العمل بهذا التوجه تستهدف ضبطا لأسعار الخدمات المقدمة من خلال شركات الاستقدام، فهو توجه في غير محله لأنها اختارت الخيار الأسوأ من ضمن عدة خيارات كان بالإمكان تطبيقها، وإذا كان الأمر غير ذلك فلا أعتقد أن التوجه صحي أبداً لنشاط مهم في سوق العمل ويحتاج لدعم أكبر، ومن خلال اطلاعي على هذا النشاط في سوق العمل ما زلت أرى أن أحد عوائق نموه هو وزارة العمل نفسها.
«أهل مكة أدرى بشعابها»، ولا يعني ذلك التقليل من جهود القائمين على هذا الملف المهم لسوق العمل، وكوجهة نظر شخصية أرى أن الوكالة المعنية في الإشراف على شركات الاستقدام في وزارة العمل من المهم أن يكون على رأسها مسؤول عمل سابقاً في إدارة إحدى شركات الاستقدام من شركات القطاع الخاص، التي تم تأسيسها، فنحن في وقت لا نحتاج فيه للتجارب، والتي قد تنعكس بشكل سلبي على سوق العمل ومنشآت القطاع الخاص.
القطاع الخاص يحتاج إلى دعم حقيقي وليس تنافسا قد يضر فيه ويقلص من دوره التنموي والاقتصادي المهم، ولذلك أتمنى من مسؤولي المؤسسات والجهات العامة إعادة النظر في توجه المنافسة والتمكين حتى لا تتضارب المصالح ونصل لمرحلة لا نفرق فيها بين «المنافسة والمزاحمة» ومفهوم «الشراكة».
@Khaled_Bn_Moh