فمن الطلاب من كان يأخذ وقته، ويحتاج إلى عدة أيام حتى ينخرط مرة أخرى في المزاج الدراسي العام. حيث إن هذا النوع من الطلاب قد يكون ذكيا ولكنه متكاسل ويحتاج إلى تنشيط. وأذكر مما قرأت منذ زمن أن آينشتاين كان متكاسلا دراسيا في مرحلة الثانوية، وليس السبب أنه كان غبيا أو أنه لا يفهم المقرر، بل على العكس من ذلك كان الأمر بالنسبة له سهلا جدا لدرجة الملل. وهذا يدل أن ليس كل طالب كسولا غبيا! بل ربما هو يتغاب من الملل والضجر لسهولة المادة بالنسبة إليه أو برودة طريقة التدريس!.
والنوع الآخر من الطلاب هو المنكفئ على نفسه والكتب. وهذا النوع من الطلاب لا يجد غضاضة في أن يبدأ الفصل الدراسي وينطلق مسرعا في حل الواجبات وحضور المحاضرات بجدية وانتباه. وهو يقضي معظم وقته بين الكتب والمراجعة وحل الواجبات. وفي العادة لديه القليل جدا من الأصدقاء؛ لأنه منشغل بهدف معين لا يحيد عنه، وهو التفوق الدراسي بكثرة الجهد المبذول. وربما هذه هي الطريقة اليابانية حيث كمية العمل أو الدراسة تساوي كمية النجاح أو بالأصح الجهد المبذول يساوي النجاح لا بسبب الذكاء المرتفع. وليس في ذلك أي نقص أو انتقاد! إنما كل يعمل بالطريقة التي يبدع فيها.
وهناك من الطلاب من كان يحضر للفصل من أجل التحضير فقط، فالجسد موجود ولكن العقل في مكان آخر مشغول بسبب السهر والتسكع مع الأصدقاء، ولعب الورق، والانشغال المفرط بالرياضة، وكل شيء هو مهم إلا الدراسة، فهي آخر الاهتمامات.
ومن الغرائب أن بعض الطلاب حين يأخذ عدد ساعات قليلة في الفصل الدراسي تكون درجاته الفصلية منخفضة. بينما حين يكون لديه الكثير من المواد والساعات، ويصبح تحت الضغط الدراسي بين كثرة المحاضرات والواجبات والاختبارات القصيرة والفصلية يبدع ويحصل على امتياز ودرجات عالية. وتلك النوعية من الطلاب تبدع وتتفوق على نفسها أولا في الأجواء المزدحمة دراسيا، ولا تناسبها قلة المواد وكثرة الفراغ في الفصل الدراسي؛ لأنه سيتسرب إليه الكسل والتأجيل إلى آخر لحظة.
وفي كل أجواء الجامعة أو حتى المدرسة سنجد أنماطا مختلفة ومتفاوتة في التفكير والفهم والحفظ. وتلك مواهب وقدرات متنوعة، والمهم أن يعرف الطالب من أين تؤكل الكتف! فليست طرق المذاكرة متشابهة مع اختلاف نوعية المواد ما بين علمية وأدبية.
ومن أسباب التفاوت في النشاط بعد العودة للدراسة أن ميول كل طالب مختلفة. واختيار الطالب لنوعية التخصص حسب رغبة الآخرين سواء الوالدين أو الأصدقاء أو الزملاء لن يكون هو الاختيار الأمثل أو الأصوب. صحيح أن الاستشارة والاستخارة أمران مهمان ولكن الميول الطبيعية والقدرات الفكرية والذهنية عامل جدا مهم في الاختيار. ولتتخيلوا معي لو أن نيوتن أو فيرنر هايزنبيرغ أو ماري كوري وغيرهم تخصصوا في غير ما يرغبون أو في مجال مختلف عن قدراتهم وملكاتهم الذهنية، هل كانوا سيكتشفون لنا نظريات ونتائج غيرت مجرى التاريخ في العلوم الفيزيائية والكيميائية؟! حتما لا.
العودة إلى مقاعد الدراسة بعد الإجازة هي استراحة محارب كما يقال، وقد تكون فرصة لبداية جديدة. وخذها نصيحة من مجرب: «اتعب الحين ترتاح بعدين»!.