رجال أعمالنا بنجاحاتهم وعطائهم هم مصدر فخر لنا كغيرهم من الناجحين، وحتى تكون هذه النجاحات طويلة الأمد فعلا وهم الأدرى والأحرص، ليتهم يتوجهون للاستثمار في الوقف، فقد قال قدوة الناجحين صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»، وعندما قال الصحابي الجليل أبو طلحة بعد أن سمع قول الله سبحانه «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون»، قال: يا رسول الله.... إن أحب أموالي إلي «بيرحاء» وإنها صدقة لله تعالى، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها حيث أراك الله، قال له المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: بخ ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين"
إن من لم يستثمر الناجح نجاحاته قبل رحيله لما بعد رحيله، سيتركها لمن بعده، وقد لا يرعوها حق رعايتها، فكم رأينا رجال أعمال تعبوا وحرموا أنفسهم متع الدنيا ولم يستثمروا للحياة الدائمة، فتلاعب أبناؤهم – إن لم يكن الجيل الأول فالجيل الذي بعده- في هذه الأموال بما لا ينفع ليعوضوا ما رأوه سنوات حرمان.
والوقف ليس طارئا في تاريخنا حتى يُجهل بل هو قديم وله مجالات متعددة يستطيع رجل الأعمال القراءة عنها أو استشارة المتخصصين ليتميز بوقفه، ومنها الأوقاف على الفقراء والمحتاجين والأوقاف الصحية والأوقاف التعليمية، فقد أوقفت أموال على مدارس وجامعات ومكتبات خرّجت علماء ونوابغ أجرهم بحول الله لمن أوقفوا على هذه المؤسسات، بل لدينا من أوقف على الحيوانات وأوقف على الأعراس حيث يتم توفير الملابس والحلي حتى يستعيرها الفقراء ويظهروا بأجمل حلة في زواجهم ثم يعيدوها.
الأهم أن ندرك أن الوقف لا يعني التوقف عن التطوير وزيادة الأرباح، لأن المشاهد أن بعض الأوقاف قد جرى إهمالها، ولذلك لابد أن يدرك صاحب الوقف وأبناؤه وكل عامل فيه أن عليه أن يسعى نحو مزيد من النجاح، فالعمل لم يعد دنيويا فقط، بل هو دنيوي وأخروي، وكل من اجتهد في هذا الوقف جاءته أرباحه أحوج ما يكون إليها.
shlash2020@