لا أرى أسبابا وجيهة وملحة تدفع أقسام التحاليل والأشعة ونحوها المرتبطة بتعليمات الأطباء في مستشفياتنا المتخصصة وغير المتخصصة والمجمعات الطبية لضرب المواعيد البعيدة وأحيانا «البعيدة جدا» للمواطنين للحصول على نتائج الفحوصات المطلوبة، وأظن أن من غير المنطقي أو المعقول أو المستساغ أن يعاني المريض الأمرين من مرضه لفترة قد تمتد إلى نحو ستة شهور أو أكثر في انتظار نتيجة ما أمر به الطبيب المختص من تحاليل أو صور أشعة للاطلاع عليها قبل وصف العلاج الشافي بإذن الله وعونه لهذا المواطن أو ذاك، فالفترات المطلوبة للحصول عليها بعيدة للغاية، ولا يتحمل المريض الصبر لاستلامها وهو في أمس الحاجة للوقت حتى يتخلص من آلامه وأوجاعه، التي قد تكون قاسية ومبرحة في كثير من الحالات.
صحيح أن التشخيص السليم لأي مرض من الأمراض يقتضي في معظم الأحوال اللجوء إلى التحاليل الطبية والأشعة للوقوف على أسباب العلل المرضية ومكامنها قبل إعطاء العلاج الناجع -بإذن الله- من قبل الأطباء المختصين غير أن من الصحيح في الوقت ذاته أن المريض يراهن على الوقت للحصول على علاجه، ولن يتحمل الانتظار لمدد طويلة لاستلام نتائج تلك التحاليل وصور الأشعة لعرضها على الطبيب، وعامل اقتناص الوقت للعلاج أمر في غاية الضرورة، ولا يخفى على أي طبيب معالج، والكثير من الحالات المرضية تستدعي علاجا فوريا لا وقت فيه لانتظار نتائج التحاليل والصور.
وقد طرحت هذه الديباجة بعد اطلاعي على مبادرات جيدة وطموحة أعلنتها مديرية الشؤون الصحية بمحافظة الأحساء مؤخرا ممثلة في إدارة المشاركة المجتمعية تحت عنوان «خدماتنا الصحية بدون موعد»، وتشكر وزارة الصحة على تلك الفعالية لتقديم الخدمات الصحية للمواطنين في تلك المحافظة مثل الكشف عن أمراض الدم الوراثية، والفحص عن الأجسام المضادة لفيروس التهاب الكبد، والكشف عن أمراض العيون واضطرابات النمو لدى الأطفال، ونحوها من الفحوصات المؤدية لعلاج تلك الأمراض «بدون موعد» للحصول على نتائج التحاليل أو الصور المرتبطة بتلك الفحوصات.
هذه خطوة متقدمة للغاية من شأن ممارستها الحصول على العلاج المناسب لأي مرض -بإذن الله- دون اللجوء لضرب المواعيد البعيدة والمتباعدة في انتظار نتائج التحاليل الطبية وصور الأشعة، وأظن أن الوقت قد حان للتخلص تماما من ممارسة تلك المواعيد المضروبة من قبل أقسام التحاليل والأشعة، فالوقت لا يسمح للمريض بتحمل تبعات الآلام، التي يشعر بها في انتظار نتائج ما أجري له من تحاليل من قبل تلك الأقسام بتوجيهات من الأطباء المختصين.
ما يحدث في واقع الأمرعندما تشتد الآلام بالمريض ولا يتحمل انتظار نتائج تلك التحاليل والصور تحوله إلى المستشفيات الأهلية للعلاج دون اهتمامه بالحصول على تلك النتائج نتيجة ما يشعر به من آلام حادة لا يستطيع معها الانتظار رغم علمه يقينا بأن تلك المستشفيات، التي لجأ إليها سوف «تفرغ» جيوبه من آخر ريال فيها غير أن ما ينطبق على حالته قد يفسره المثل العربي الشهير السائر «مجبر أخاك لا بطل» إن صح تطبيق حالته عليه، فهو يرى أن تفريغ «جيوبه» أفضل بكثير للخلاص من معاناته وآلامه.