كنت أترقب مفاجأة وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله آل سعود -حفظه الله-، وسعدت كثيرا بمضمون المفاجأة عندما تم الإعلان عنها. وبما أن دراستي الأكاديمية في الخارج تربط بين العلوم والسياسات القيادية وممارساتها وكذلك علوم وفنون وآداب الثقافة والقراءة واللغة، فإن رؤيتي لهذه الخطوة من وجهة نظر أكاديمية وتطبيقية كالآتي:
أولا: الابتعاث الثقافي والتخصصات المطروحة بعناية تامة ستسد فجوة تعليمية مستقبلية لطالما انتظرها الكثير من أصحاب المواهب الفنية بأنواعها، وذلك لأن الاهتمامات الثقافية والفنية قد اتسعت دائرة محيطها مع رؤية٢٠٣٠ ويظهر ذلك جليا بظهور الإبداعات الفنية والتوجهات الثقافية لدى الكثير من الشباب والتي ظهرت على الساحة مؤخرا دون توثيق علمي أو أكاديمي يجعلها أكثر رسمية. ثانيا: تشجيع الأجيال المستقبلية على صقل مواهبهم الفنية المتنوعة بشكل تعليمي وتطبيقي يتناسب مع احتياج المجتمع وموازاتها مع القيّم الاجتماعية وتقاليدها. ثالثا: إحياء الفنون الشعبية وإعادة برمجتها وتوثيقها بشكل يتناسب مع تطور الحياة بشكل عام. رابعا: الارتقاء الفكري المعرفي الذي غاب عنّا طويلا بسبب تهميش دور الثقافة والفنون بشكل أو بآخر، سيكون له دور فعّال في إضافة رقي سلوكي وإدراكي يساعد المجتمع على معرفة أهمية الوعي الثقافي للارتقاء معرفيا.
وأخيرا وليس آخرا، دائما أقول إن «معلمي الأول هو الطفل»، فالخطوة التي قامت بها وزارتا التعليم والثقافة ستكون أكثر فاعلية إذا ما تم تركيزها على الطفل في الوقت الحالي. وذلك بعمل أبحاث ودراسات تستند على نظرية الكنوز المعرفية الخاصة بالفنون التراثية والثقافات المختلفة والمتراكمة، وكيفية استخراجها من الطفل أولا وأسرته والمجتمع ثانيا، وطرحها كمحتوى منهجي يُدرس لمراحل التعليم العام؛ لكي تساعد الطفل في اختيار مساره الأكاديمي في وقت مبكّر. وكذلك يساعد على تأسيس علوم أكاديمية حديثة وحصرية في جامعاتنا المختلفة تُعنى بالفنون التراثية والشعبية لتكون محط أنظار المهتمين حول العالم.
سنرى بإذن الله جمال العلوم الفكرية والثقافية التي أوجدها الله تعالى لنا في هذه الحياة وها نحن نسعى في أولى الخطوات على كيفية إدراجها في مجال التعليم ليكون لها أثر علمي مستقبلي بإذن الله. فالمجتمع السعودي الواحد يحتوي على كنوز ثقافية وفنية لم تُمارس بشكل علني إلا منذ فترة بسيطة، فالثراء المعرفي في مجتمعنا والمتراكم منذ القدم سيكون له دور واضح من نواحٍ متعددة. فالسياحة والاقتصاد والثقافة وغيرها من المجالات المتعددة سيكون لها نصيب من هذا الازدهار الثقافي والتعليمي.
كأكاديمية وتربوية متخصصة في العلوم القيادية والثقافية الفنية والأدبية أتمنى أن أكون جزءا من منظومة الثقافة التي صنعت بينها وبين التعليم ذلك الرابط الأكاديمي الفني لتوسع مدارك الوعي الفكري عند المهتمين بالفن وممارساته مستقبلا، خاصة وأن خبرتي العلمية والمعرفية في المجال التعليمي والثقافي ستساعدني على إبراز جماليات الترابط في كلا المنظومتين.
@fofkedl