تفرز الأيام والسنوات والعقود وعلى فترات بعيدة، قادة استثنائيين، يسخّرهم الله لنصرة شعوبهم، وقيادتها إلى مراقي العز والمنعة والرخاء، أو للتخلص من ربقة الاستكانة والخمول، أو التحرر من نير مستعمر، أو سطوة غريب. لكن هؤلاء القادة يظلون في الغالب عملة نادرة، وقلّ أن يجود بهم الزمان، لهذا يصبحون كالعلامات الفارقة في التاريخ الإنساني، ويظل التاريخ يتذكرهم ويستعيد إنجازاتهم كلما أراد أن يُباهي بأمجاده، ولنا من تاريخ هذه البلاد خير ما نقدمه كمثال عبر شخصية القائد الاستثنائي العظيم جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز مؤسس هذا الكيان الشامخ، والشخصية التي يظل التاريخ يحتفظ لها بأنبغ السجلات، ويضعها دومًا في طليعة قيادات الفعل الإنساني على مرّ الزمان. وتتميّز هذه القيادات عادةً فوق كاريزما القيادة، بالبصيرة، وبعد النظر، والقبول من الجميع، وقراءة الواقع والمستقبل بوعي، والجرأة في اتخاذ القرار، ووضع الرهانات الصحيحة في مكانها الصحيح، والقدرة على فهم سياقات التاريخ، ومتغيرات الزمن، وقبل كل هذا وذاك، التوفيق من الله، بحيث يبارك الله لها حتى في الوقت، لتتوالى إنجازاتها تترى في الوقت الذي يفترض أنها لا تزال في فترة الإنضاج.
والملك سلمان نجل الملوك، ومستشارهم، والرجل الذي يُعَدّ مرجع الدولة، وسادن تاريخها، والوصيّ عليه، وبما حباه الله من فرادة الزعامة، واستثنائية العزم والحزم وقوة الشكيمة، وبما له من باع طويل في قراءة أبجديات سياق التاريخ، وتأمّل محطاته، وفهم استحقاقاته، وبما يحمله من إدراك بعيد المدى لمتطلبات سيرورة الدول، وكينونتها، لم يكتفِ بأن يُضيف لبلاده المزيد من أرصدة النمو والتطور كما فعل أسلافه، وإنما أراد أن يُحقق لها النقلة التاريخية التي تستحقها لتواكب بها روح العصر، ومتغيرات الواقع الجديد، وهي مرحلة يعلم هو -أيده الله- قبل غيره أنها تستدعي شخصية قيادية شابة واستثنائية، شخصية لها نفس شكيمة سلمان وحزمه، ولها الروح الرائدة للتجديد ضمن إطار ثوابتنا الإسلامية الخالدة، ليقدّم لوطنه وأمته قائدًا فذا من خلال سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، الذي استطاع أن يضع رهانه في رؤية طموحة تُشبه المستحيل، ويراهن عليها ويكسب كل الرهانات، بما في ذلك رهان أرامكو الذي شكك فيه كثيرون، وربحه الأمير ليُثبت جدارته القيادية، وليدع الدهشة للآخرين.
article@alyaum.com