إذا نخر الفساد في جسد أي مجتمع فقل عليه وعلى أهله السلام ذلك أن هذا الوباء الخطير يحول دون تنمية المجتمعات البشرية ويقوم بتعطيل أدوارها نحو بناء مستقبلها الأفضل، وقد أدركت المملكة خطورة الفساد فعمدت إلى مكافحته بكل الوسائل، ومازالت تلاحق أموال الفاسدين لإعادتها إلى الدولة، وقد اجتمع في إطار تلك المكافحة رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بالمملكة يوم أمس مع نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي على هامش أعمال الدورة الثامنة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المعقود حاليا في العاصمة الإماراتية لبحث أوجه التعاون المنشود لملاحقة أموال الفاسدين وإعادتها إلى خزينة الدولة، وهذه خطوة حميدة في مجال مكافحة الفساد والفاسدين.
لقد حرصت المملكة على الضرب بيد من حديد على كل مارق يحاول التلاعب بالأموال العامة لما له من آثار سيئة ووبيلة لا تعود على المجتمع السعودي المسلم إلا بالخسران المبين، وقد نجحت القيادة الرشيدة في ملاحقة أولئك الفاسدين ومحاسبتهم إزاء تجاوزاتهم وتصرفاتهم الموغلة في الأخطاء تجاه تلك الأموال التي يجب أن تصرف في قنواتها المشروعة ضمن تخطيطات الدولة لإنجاز مشروعاتها الحيوية، تحقيقا لتطلعاتها في بناء المستقبل الواعد لهذا الوطن المعطاء داخل أطر رؤية المملكة الطموح 2030، ولا شك أن التلاعب بتلك الأموال من قبل الفاسدين الذين ضعفت ضمائرهم يمثل سببا من أهم أسباب تعطيل التنمية ومحاولة إصابتها في مقتل.
ولا يمكن أن تقوم قائمة لأي مجتمع من المجتمعات البشرية إلا بالتخلص نهائيا من أولئك الفاسدين المتلاعبين بالمال العام، وقد كان للقيادة الرشيدة في هذا البلد الآمن اليد الطولى في وقف تلاعب المتلاعبين والعمل على محاسبتهم، فالاعتداء على المال العام بأي شكل من أشكال الاعتداء يمثل جريمة نكراء في حق الدولة والمجتمع والمواطنين، وإزاء ذلك جاء التشديد على أولئك الفاسدين وتحجيم جرائمهم بالكشف عن تلاعبهم واستهانتهم بأموال الدولة، والمطالبة بعودة تلك الأموال إلى خزينتها.
ولا شك أن مكافحة الفساد والفاسدين لا بد من سريانها بأشكالها الفاعلة في ظل توجه القيادة الرشيدة لترجمة تفاصيل وجزئيات رؤيتها المستقبلية لصناعة اقتصاد جديد للمملكة، يقوم في أساسه على صرف أموال الدولة في قنواتها المؤدية لتحقيق بنود تلك الرؤية، وهذا يعني أن صور الفساد سوف تحد من تلك الطموحات الكبرى ولا يمكن أن تتحقق في ظل ظهور تلك الصور وسريانها في المجتمع، ومن هذا المنطلق جاءت إرادة القيادة لمكافحة وباء الفساد واجتثاثه من جذوره ومحاسبة مرتكبيه في الداخل، والتعاون المثمر مع الجهات المختصة خارج المملكة لإعادة الأموال المنهوبة لخزينة الدولة.
article@alyaum.com