* أن أنتمي لجامعة الملك فيصل.. فتلك نعمة علمية.. وأفتخر بأنها (البيت العَوْد).. حيث ولادة حياتي العملية.. الشاهد على نشاطي عمليا وعلميا وفكريا.. بجودة وحسن أداء.. وتميز في العمل والدراسة العليا.. بشهادات شكر استثنائية العدد.. ملفاتها تشهد بذلك.. وكذلك الزملاء والطلاب.. لكنني غادرته مكرها بتقاعدي.. بعد خدمة قاربت الأربعة عقود.. حنيني لهذا البيت لم ينقطع.. أحمله ويحملني كتاريخ.. لي في ساحاته بطولات.. وبعد... أليس هذا هو الانتماء الذي نتحدث عنه.. ونشجعه.. ونعزز أطنابه في النفوس؟
* هذا (البيت العَوْد)، كأي بيت، هو من يعزز روح الانتماء، ويؤصله في نفوس ساكنيه، يجعلهم يحبونه أو يكرهونه، أو حتى ينفروا منه. جامعتي بيت أصيل، يقع أيضا في جزء أصيل من بلادي، جعلني في شعور دائم بمسئوليتي المستمرة تجاهه. يهمني أمره وسمعته، وطموحاته، وأن أكون متفاعلا مع إنجازاته. وقد وصلت مع عطائه مرحلة التقاعد، مكّنني منها، وهي الأهم لشخصي، حيث وجدت عطاءها أكثر نضجا وتأثيرا واستمتاعا.
* أصبحت بعيدًا عن بيتي العَوْد، وقد قضيت في ساحاته زهرة شبابي، جمعني بإخواني منسوبيه. كنَّا في بداية عملي بنهاية عقد سبعينيات القرن الماضي الميلادي، أشبه بعائلة واحدة، نعرف بعضنا البعض. ثم توسع (البيت العَوْد) فأصبح يضم أفرادا كثر، وملاحق متعددة، يجمعنا حب هذا البيت وخدمته، والإخلاص لكيانه. كنا نتنافس على خدمته، ونختلف ونتفق أيضا على خدمته. نفوس طيبة شامخة بالحب، والولاء والإيمان بالعطاء والتفاني. تعرفت على عمالقة من الزملاء في كل الميادين، وعلى جميع المستويات الوظيفية.
* الجامعة تتوسع، لكنها لا تشيخ، ولا تتقاعد، ولا تتعطل، ولا تموت. نفنى وتبقى بأجيالها المتجددة، ذلكم هو البيت العَوْد المستدام. وبعد مغادرتي لساحاته، استعرض التحديات التي يواجه، فيزداد يقيني بأن الفضل يعود لهذه التحديات، وقد جعلت البيت ينمو بشموخ. إن للتحديات مسيرة لا تتوقف، لكنها بالإرادة ترسم مسيرة النجاح.
* في هذا المقال أقف بكم، وبفخر، مع احتفال بيتي العَوْد قبل أسابيع مضت. وفيه تم الإعلان عن هويته الجديدة. حيث تجدد ثوب ولائي وانتمائي معها أيضا. الاحتفال كان بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية -حفظه الله-، بحضور سموه تعزز الاحتفال وأثمر.
* لم أكن مدعوا، لكن انتمائي هو ما دعاني للمتابعة. وعشقي لهذا البيت العلمي جعلني أتابع بفخر احتفال تجسيد العطاء، وتجديد الهوية. وكانت كلمات معالي مديرها أشبه بشمراخ أمل، ينبعث بوضوح، ليجدد كل شيء في الجامعة. وفق إستراتيجية وخطط وبرامج للنجاح، والتفوق. قال معالي الدكتور محمد بن عبدالعزيز العوهلي، مدير الجامعة، في تقديم هوية الجامعة:
* [ننطلق بدور جديد.. يخرج عن الدور التقليدي للجامعات في العالم.. دور البحث ودور المعرفة.. إلى دور جديد.. يؤصل هذه الرؤية.. وهو أن تصبح الجامعة.. أحد المحركات التنموية المجتمعية والاقتصادية.. بهذا الدور الجديد الذي يدعم الرؤية المباركة.. ويحقق الدور الأساسي.. في البحث ونشر المعرفة.. وتخريج الموارد البشرية]. ثم قال: [تركز توجهاتنا على أربعة توجهات أساسية: جودة في الأداء؛ ثراء في المخرجات؛ تمايز في الأبحاث، عطاء مستمر من النماء والاستدامة]. وكما فهمت من معاليه، سيكون للمياه شأن وأهمية، في توجهات الجامعة الجديدة.
* نعرف أن الجامعات بيت البحوث والمعرفة والعطاء المستدام، توسع مدارك العقول.. لمواجهة تحديات المستقبل.. وترتقي بمصالح الأجيال. لكن بجانب ذلك، تقود جامعة الملك فيصل، التعليم العالي في بلدنا، أعزَّه الله، نحو التحديث، حيث ستصبح أحد المحركات التنموية المجتمعية الاقتصادية. أرى بهذا أن جامعة الملك فيصل تتبنى بالتطبيق، دور عطاء الأحساء المجيدة عبر تاريخها المعروف. إنها مسئولية المكان أيضا.