الأحد الماضي شاركت في مبادرة الشعور الأزرق لمدة أربعة أيام وذلك من خلال تطوعي في مجال الاستشارات العامة والتي تتضمن المجالات الاجتماعية والتعليمية والتربوية. كانت المبادرة تُعنى بنشر الوعي النفسي والصحي والإرشادي للمجتمع، بطرق متنوعة ولجميع فئات المجتمع. كان التنظيم أكثر من رائع وتشرفت بمقابلة الزملاء والزميلات الذين تطوعوا لنشر الوعي في المجتمع. كانت تجربة جميلة، فمن خلالها اكتشفت حاجة المجتمع الشديدة لمثل هذه المبادرات وأهميتها للكشف عن الفجوات التربوية التي يعاني منها البعض. بعد غربة عن الوطن لمدة ثماني سنوات، سُعِدت بتلك التغيرات والتطورات على جميع الأصعدة. ولكن لم أكن أتوقع معاناة البعض من الأهالي في كيفية التوفيق بين التربية والتطور.
جزء من الاستشارات يتراوح بين الأمهات والجزء الأخر بين فتيات العشرين اللاتي يُصارِعن نواتج حياة أهاليهن السابقة وبين أدوات حياتهن الحالية. فمن ضمن الاستشارات التي تكررت معي هي معاناة بعض الفتيات المتميزات في عدم قدرتهن على كيفية شرح معنى التميز من التمرد. للأسف مازال هناك بعض العقول التي لم تدرك بعد أننا في وقت التميز وان المستقبل في بلادنا سيبحث عن المتميزين من كلا الجنسين في المجالات المتعددة. بعض الأمهات كانت معاناتهن في كيفية التواصل مع أبنائهن أو بناتهن، فوجود التقنية صنع فجوة تربوية وفكرية كبيرة قد تسببت في شبه انعدام التفاهم الأُسَري. وفِي الجهة الأخرى، بعض الفتيات المتميزات يعانين من اتهام أهاليهن بالتمرد وذلك بسبب عدم قدرة الأهل في التمييز بين معنى التميز والتمرد. ولأننا كمجتمع سعودي نواكب مرحلة انتقالية جديدة يجب علينا أن نعيد التفكير في شرح مصطلحات قد تغالطت مفاهيمها التربوية والفكرية عند البعض. على سبيل المثال، الفرق بين التميز والتمرد يكمن في العقلية التي تربت في الماضي وعاصرت الحاضر. مما سبب تضاربات تربوية عند البعض نتج عن ذلك صراع نفسي سواء عند الوالدين أو الأبناء. ولكن هذا لا يمنع من وجود عقليات رائعة قد استطاعت تجاوز بعض العادات والتقاليد وتسخيرها مع ما يتناسب من أدوات في هذا الزمن لتشجيع الأبناء. لذلك، أتمنى تكثيف الدورات والمبادرات لنشر الوعي التربوي والفكري للأسرة وتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة لمساعدة الأبناء على القيام بمستقبلهم. فرؤية ٢٠٣٠ لا تنحصر في المجال الاقتصادي أو السياسي أو العمراني بل تتجاوز المجالات الفكرية والتربوية والتعليمية على مستوى الفرد أولاً والأسرة ثانية وذلك نهوضاً بمجتمع يواكب الرؤية فكريا وتربويا.
@fofkedl