ولهذا الطرح أهداف ستأتي بثمارها على السوق المالية وعلى الاقتصاد الوطني، وستؤتي أُكلها على المدى البعيد، بل ستكون خطوة ذات انعكاساتٍ إيجابيةٍ مستقبليةٍ على البلاد، ليست كقيمة مالية فقط، بل بالقيمة المعنوية الكبيرة التي سيتركها، والتفاؤل بأن النقلة الاقتصادية للمملكة هي نقلة جادة اتضحت معالمها وخطواتها، وستزدهر بجيل الشباب الذي يقودها متجاوزًا كل التحديات.
من ناحية أخرى، فإن هذا الطرح يُعتبر من أغلى الهدايا للسوق المالية السعودية وأثمنها على الإطلاق، وسيضيف إلى السوق دعمًا معنويًا، وقيمة سوقية مرتفعة، فإدراج حتى لو شريحة محدودة لشركة عملاقة كأرامكو في سوق المال سيمكّنه من تحقيق السبق على مستوى أسواق المال كافة، في احتضان أكبر شركة مساهمة في العالم، وستضيف إلى السوق المالية السعودية مقدارًا كبيرًا من الزخم والقيمة السوقية والتسويق الدولي المجاني، ومزايا يسيل لها لُعاب شركات الاستثمار والأصول الأجنبية العملاقة تدفعها إلى أن توسّع مشاركتها بالاستثمار في السوق السعودية.
وما سيحصل للسوق المالية يُذكّرنا بسنوات مضت، مع اختلاف الحجم، عندما طرحت شركات الاتصالات قبل 15 عامًا نسبة كبيرة من أسهمها لاكتتاب الأفراد، مما وسّع قاعدة مستثمري سوق الأسهم من آلاف معدودة إلى ملايين المستثمرين الذين رفعوا نشاط سوق الأسهم وأرقامه، وبثّوا فيه روح الحيوية والتفاعل.
طرح أرامكو، تقدّم فيه المملكة للعالم نموذجًا حيًا من أحد أبرز الاقتصادات الناشئة، بالقدرة على تحقيق مزيدٍ من النجاحات عبر التحوّل من الملكية المطلَقة للدولة إلى ملكية حاملي الأسهم، فأرامكو شركة ناجحة بكل المعايير، تتمتع بعديدٍ من المزايا الاقتصادية التي تمكّنها من مواصلة عملها بصورةٍ تقليديةٍ لأعوام وأعوام، لكن القيادة السعودية الشابة، وبرؤيتها الثاقبة الحصيفة، قرّرت التحوّل من هذا النمط إلى نمط أكثر واقعية ومرونة وأكثر اتساقًا مع المستقبل.