إيران الدولة التي يعيش فيها حوالي 83 مليون نسمة، معروف عنها منذ الثورة الخمينية بأنها دولة لا يهمها كم تخسر من أبنائها. فمن لحظة وصول الخميني من منفاه كان إعلانه عن عزمه لتصدير الثورة. وهذا ما جعل لديها استعداد للقيام بإتباع المناوشة الخطر دون الحساب لأية عواقب أو أهمية للتكلفة البشرية لتصرفاتها. وقد كان ملالي إيران يدسون الوعود الاقتصادية للشعب المغلوب على أمره منذ لحظة تسلم الملالي مقاليد الحكم المطلق في إيران. ففي حديث استغربه الكثير من المراقبين في العام 1979م وهو أن الخميني أعلن للشعب عن مجانية الماء والكهرباء والوقود مع أفضلية للفقراء والمستضعفين. وبالطبع هلل الشارع الإيراني. ولكن وبعد فترة وجيزة لم يرتفع سعر الوقود وحسب، بل بدأت ملامح شح المخزون. وبعد ذلك اتضح - وبسرعة - الخدعة التي أراد بها الخميني التلاعب بالمشاعر ، وبدا التململ، وبالفعل بدأت ثورة مضادة رغم أنها صامتة ولكن ذهب ضحيتها آلاف الإيرانيين، ووصل الوضع للسوء لدرجة أن التنافس السياسي والاغتيالات وصلت لدرجة أنه تم تفجير مقر حزب الملالي الجديد. ولكن كانت الحرب العراقية - الإيرانية قد اندلعت ولم تستمر مرحلة التململ وسط قمع للمواطن الإيراني بأسلوب غير مسبوق.
وفي الوقت الحالي قام الرئيس الإيراني روحاني بمحاولة لتلميع أداء الملالي بعد أن أصبحت تدخلاتهم في الشأن الخارجي محور تساؤل في الداخل الإيراني ليعلن عن اكتشاف 53 بليون برميل من الاحتياطي النفطي، ولكن وفي نفس الوقت قامت الحكومة الإيرانية بالإعلان - وفي تناقض واضح - برفع أسعار الوقود بصورة كبيرة وتقنين كمية الوقود، لتندلع بعدها مظاهرات قام بها جميع الشرائح في المجتمع الإيراني لتعم كبرى المدن. وقد رأى العالم كيف أن المواطن الإيراني في هذه المظاهرات قد ألقى خلفه مسألة التخوف والتردد لدرجة أنه تم حرق صور وتحطيم مجسمات تخص الخميني في سابقة تعتبر الأخطر. واختفى الوهم الذي يعيشه وسط الخطب الرنانة والتدخلات الخارجية التي لم تجلب لها سوى الويلات والفقر والبؤس وأيضا كارثة العزلة التي تعيشها إيران وشعبها عن العالم. وقد وصل الموضوع إلى خطورة تمخضت عن اضطرار السلطات في إيران إلى قطع خدمة الإنترنت مما يدل على سوء ما وصل به الحال في الداخل الإيراني، خاصة بعد أن رأى العالم إحراق بعض البنوك ومقرات الحكومة. إن الثورة الخمينية البائسة لم تنجح في إيجاد عيشة كريمة للداخل الإيراني، وحاولت أن تصدر ثورتها للخارج، ولكن إيران في نهاية المطاف بدأت تتجرع مرارة ما كانت تخطط له.