كان التمييز في الوظائف بين الأقليات والبيض من المواطنين في سوق العمل الأمريكية سائدا منذ 1963م إلى وقت قريب، وذلك لإتاحة الفرص للأقليات للحصول على وظائف بغض النظر عن كفاءتهم، لكن بعض الحكومات المحلية في بعض الولايات واجهت مشاكل اقتصادية أعادت النظر فيما يسمى فرص التوظيف المتساوية Equal Employment Opportunity (EEO)، وبالتالي ألغت هذا التمييز ليكون التوظيف على أساس الكفاءة من حيث المعرفة والمهارات والخبرة والتعليم وليس على أسس عرقية أو أقلية. لقد كانت ولاية كاليفورنيا من أكثر الولايات تحمسا لإلغاء التمييز الوظيفي في الفرص عندما كان حاكمها ارنولد شوارزنيجر وتبعتها ولايات أخرى.
يبدو أن التوجه في سوق العمل يركز على توظيف النساء لأن نسبة البطالة بينهن كانت عالية في السنوات الماضية. زادت البطالة بين الرجال لأن غالبية الشركات أو المؤسسات تفضل توظيف النساء على الرجال للحصول بذلك على ثلاث نقاط لكل وظيفة حصلت عليها امرأة مقابل نقطة واحدة عند توظيف رجل بغض النظر عن أهلية وكفاءة المرأة، بل بغض النظر عن أهلية وكفاءة الرجل، علما أنه تم توظيف نساء غير مؤهلات على حساب رجال مؤهلين. هذا التمييز سيحدث مشكلة اجتماعية عندما تزداد نسبة البطالة بين الرجال الذين يتحملون مسئوليات كبيرة، وسيزيد من نسبة العنوسة بين الفتيات، فلن ترضى امرأة بالزواج من رجل شاب غير موظف. الحقيقة أن الشركات تتسابق على توظيف النساء بوتيرة غير مسبوقة بسبب النقاط العالية مقابل توظيف المرأة متجاهلة النتائج السلبية الوخيمة اقتصاديا واجتماعيا عندما تزداد نسبة البطالة بين الذكور.
لقد زادت المادة 77 من نسبة تسريح الرجال في الشركات لتعويضهم بنساء للحصول على نقاط توطين عالية. كان نص المادة 77 من نظام العمل في السابق قبل تعديله في التعديلات الأخيرة الصادرة بالمرسوم الملكي الكريم رقم م/51 وتاريخ 5 /6/ 1436هـ كالآتي «إذا انهي العقد لسبب غير مشروع كان للطرف الذي أصابه ضرر من هذا الإنهاء الحق في تعويض تقدره هيئة تسوية الخلافات العمالية»، وجاء النص الجديد فأصبح يعوض العامل إذا كان عقده محدد المدة بأجره إلى نهاية العقد، وإذا كان عقد العامل غير محدد المدة بأجر 15 يوما عن كل سنة، وفي كلتا الحالتين لا يقل التعويض عن أجر شهرين، ما لم يتضمن العقد نصا يقضي بقيمة التعويض، وما يفهم من التعديل أن النص الجديد جاء لتقييد سلطة عضو الهيئة التقديرية في التعويض، بل ان المنظم حدد الطرق التي من شأنها التعويض بالنسبة لحالات العامل المنهى عقده.
أرى أن المادة 77 المعدلة أتاحت الفرصة للشركات لتسريح الموظفين الذكور بطريقة تعسفية وغير عادلة وإحلالهم بموظفات غير مؤهلات ما يؤثر سلبا في الأداء والإنتاجية والتنافسية في الاقتصاد السعودي، لهذا السبب وما ذكرته أعلاه أرى أهمية التوظيف الفعال على أسس مهنية صحيحة تراعى فيها الكفاءة والجدارة بعيدا عن محدد الذكورية والأنوثة (الجندرة).
الخلاصة.. التمييز في نقاط التوظيف بين الذكور والإناث في نظام العمل لا يشجع الشركات على توظيف الرجال، خاصة في الشركات التي تسعى وراء نقاط التوطين من خلال توظيف النساء غير المؤهلات بأجور متدنية لتحقيق نقاط توظيف عالية ما يؤثر في معدل البطالة بين الرجال. وأرى أهمية أن تتساوى نقاط التوظيف المكتسبة للشركات فلا يكون هناك فرق بين ذكر وأنثى حتى لا تتأثر الإنتاجية سلبا في المملكة.