تعرّف الموسوعة الحرة (ويكيبيديا) الشائعة بأنها مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع وتتداول بين العامة، وهي أكثر انتشاراً في المجتمعات غير المتعلمة أو غير الواعية، وذلك لسهولة انطلاء الأكاذيب عليهم، ومع أن الملاحظ أن كل المجتمعات والفئات بما فيها المتعلمون أيضًا هم هذه الأيام من الفئات، التي لا تنطلي عليها الشائعات فقط، بل إن البعض يصدقها ويساهم في نشرها؛ لأن الموضوع من جهة هو أولاً ذو علاقة بالوعي وليس بالتعليم ومن جهة أخرى، فإن البعض ينشر الشائعة لمجرد أنها توافق هواه أو تؤيد توجهاته رغم عدم قناعته بصحتها والمعروف أن الظروف، التي ترافق الأزمات والمشاكل على كل المستويات هي الأكثر ملاءمة لاختراع الشائعات ونشرها وتزويرها ومما يزيد خطر الشائعات الضغط الاجتماعي مجهول المصدر، الذي يتسم بالغموض والإيهام، والذي يرافق ترديد الشائعة وانتشارها إضافةً إلى أن الغرض منها دائمًا هو التحريض والإثارة وتشويه الأفكار، إضافة إلى أن هناك نوعا من الشائعات هو الشائعة المقصودة، التي ينشرها مغرضون في أوقات الأزمات السياسية للتأثير على الأمن الوطني حتى إن دولاً كثيرة على مر التاريخ استخدمت الشائعة والأخبار الملفقة سلاحًا لإضعاف المعنويات والانتصار على خصومها وحرصت على ذلك لدرجة أن مَنْ تسخرهم لهذا الغرض أطلق عليهم مصطلح (الطابور الخامس) وهو من أكثر الجيوش خطراً على الأمم؛ لأنه يعمل لصالح أعدائها من داخلها، وقد كان ذلك سببًا في كثير من الأحيان إلى هزيمة دول كثيرة رغم قوتها وعددها وعتادها ومما يزيد خطر الشائعة هذا اليوم إضافةً إلى الظروف الدولية والإقليمية المحيطة وحرص أعداء الوطن والأمة على نشر الشائعات والأكاذيب، التي تفرّق الصف وتضعف المعنويات وتشكك في المواقف الصائبة وتحرّض أبناء الوطن على أوطانهم وقياداتهم خدمة لأهدافها الخبيثة فإن ما يزيد خطر الشائعة أيضًا الدور، الذي تلعبه في نشرها شبكات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت متاحة لأي شخص يستخدمها لأغراضه الشخصية أو مَنْ يوظفه لنشر الشائعات، التي تخدم أغراضه من القوى والأحزاب والمنظمات المعادية للوطن والأمة، التي لا يهمها إلا تحقيق أغراضها مستغلين في ذلك أن شبكات التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة (فيس بوك وتويتر واليوتيوب والواتس آب) وغيرها أصبحت اليوم مصدراً للحصول على المعلومات لدى كثير من الأفراد مما جعلها أبوابًا مشرعة على أفكار الناس، الذين تعمل جاهدة على التأثير على أفكارهم وتوجهاتهم، لاسيما أن العديد من الدراسات أثبتت وجود تأثير متباين لكل وسائل التواصل في أفكار الرأي العام، خاصةً الفيس بوك الذي بلغت نسبة مستخدميه حسب هذه الدراسات حوالي 60% من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، كما أن غياب الشفافية لدى معظم وسائل الإعلام الرسمي هو أحد أسباب تعاظم هذه الوسائط؛ لأن درجة ثقة الناس في وسائل الإعلام الرسمية أصبحت متدنية جداً، وهنا أيضًا ينبغي ملاحظة أن هذه الوسائط لعبت دوراً في إضعاف هذه الثقة سواء بالتحريض المباشر أو بما يبدو أنها نتيجة من حرية التعبير والنقد وكشف الأسرار ونشر الأخبار الكاذبة والمفبركة، التي توجه الرأي العام، إضافة إلى وسائل التأثير البصرية والسمعية، التي تستخدمها المواد الإعلامية، والتي تنشرها هذه الوسائط ومما يوضح أثر هذه الوسائط أيضا بصورة أكبر أن بعض الدراسات تؤكد أن نسبة 81% من أفراد العينة لا يهتمون بالتأكد من صحة الأخبار، التي تنشرها هذه الوسائط ويتجاهلون البحث عن صحتها حتى وهم يرتابون مما تنقله من أخبار فهم -على سبيل المثال- يقاطعون بعض المنتجات الجيدة لمجرد أنهم رأوا أو قرأوا خبراً عنها في هذه الوسائط يشكك في جودتها، وبذلك فإن ما تنقله هذه الوسائط هو أشبه ما يكون بفطيرة أو (ساندوتش)، إن وجبة سريعة من الأخبار يتم تناولها بسرعة بدلاً من الاعتماد على وجبات الطعام المنزلية المطبوخة على نار هادئة حتى مع معرفة مَنْ يتناولها بأضرارها الصحية على الإنسان، وكما قلنا فإن الظروف الدولية والإقليمية تقتضي أن نقف جميعًا أمام أثر هذه الشائعات على مجتمعنا ووطننا، وأن نكون أكثر وعياً ومناعة في رفضها، بل ونساهم في كشف نوايا أصحابها؛ لأن ذلك من أولويات صدق الانتماء للأمة والوطن، بل هو واجب شرعي ووطني وإنساني فلا نشارك في نقلها، بل في كشفها وكشف أصحابها والتصدي لهم وتعميق الثقة والانتماء بالقيادة والوطن وهو ما عهدناه في أبناء وطننا.. أما دور الإعلام والجامعات والمنابر، فهو ما لا يحتاج إلى مزيد من التأكيد والتوضيح.