تصرفات غير مسؤولة وسلوكيات خاطئة تجعل من البعض مصدر خطر يهدد حياته وحياة الآخرين أو يحولها إلى لعبة قد تتحطم في أي لحظة، وذلك من خلال ما قد يقترفه بعض السائقين المتهورين الذين ألقوا بأرواحهم على قارعة الطريق وتلاعبوا بعداد الأمان خلف المقود، غير آبهين بأن تلك الطرقات تحتاج إلى الكثير من الحرص عند القيادة، والاطلاع التام على التعليمات المفروضة على كل سائق والإدراك بأهمية تطبيق إرشادات السلامة لحفظ أرواح الآخرين وكذلك أرواحهم التي تعد أمانة في أيديهم، إذ إنهم بذلك يدفعونها إلى جرف الهاوية التي إن وقعت فيها لن ينفعهم الندم، ولن تعود بهم الأيام ليصححوا ما اقترفوه من خطأ في حقها أو حق الآخرين.
في مشهد يحبس الأنفاس نجت قبل عدة أيام سيدة وابناها من حادث والسبب سيارة أخرى تسير بسرعة جنونية تجاهلت الإشارة الحمراء، وكادت توقع بهما في شباك الموت لولا لطف الله، فهل هناك ما يستوجب كل هذه السرعة ويعتبر أغلى من روح ذلك السائق المتهور للدرجة التي جعلته يضحي بحياته في سبيل الوصول لوجهته هذا إن وصل!.
تتعدد الصور التي تتفاوت في البشاعة لقصص توقف الزمن عند أبطالها بعد حادث شنيع حتى وإن لم يفارقوا الحياة، فهناك من أصيب بإعاقة كلية أو نصفية أو بات طريحا تلتف حوله الأجهزة من كل اتجاه، وآخر أصبح جرحا ينزف في حياة ذويه بعد أن فارقهم.
كيف حول البعض تلك المركبة بثقافته القاصرة و«ركله» للتعليمات والأنظمة إلى وسيلة نقل من الحياة إلى الموت! إذ نجد ذلك المتهور يقودها وكأنه ناسٍ نهايته، ذلك الذي يحارب من أجل البقاء في كل جوانب حياته، متشبثا بالدنيا عالقا في أدق تفاصيلها، إذ ينتهي به المطاف إلى نزيف على الأسفلت يشل حركة حياته إن لم ينهها، وحسرة لن ينفع بعدها تجنب أساليب القيادة الخاطئة التي أدت إلى ذلك، وبالرغم من الجهود المبذولة من الدولة للحد من الحوادث من خلال قواعد المرور الصارمة في هذا الشأن، والمحاضرات والندوات التي تعزز مبدأ الالتزام بوسائل السلامة، والتوجيه المستمر لكل من يفقد آداب القيادة، إلا أننا مازلنا نتعثر بأولئك الذين يخترقون الأنظمة غير مدركين بأنهم بذلك يخترقون سلامتهم قبل كل شيء.
تنفرد المنطقة الشرقية بمبادرة تحفيزية دخلت عامها الخامس هذه السنة من خلال جائزة السائق المثالي، والتي تهدف إلى تحقيق السلامة المرورية من خلال تحفيز أصحاب المركبات على التقيد بأنظمة المرور، والحصول على جوائز نقدية تتجاوز نصف مليون ريال، وكأنهم يهمسون للسائق في أذنه «حافظ على سلامتك لتحظى بالجائزة» فما أجمل هذا الاهتمام الذي بلغ أوجه، ولنحاول أن لا نكون حصاد الأسفلت فهو لم يُنشأ لسلب الأرواح.