في ظل ما تقوم به المنظمات والهيئات العالمية خلال هذا الشهر المتوشح باللون الوردي من توعية وتكثيف لدورها الفعال في التثقيف والحد من انتشار مرض سرطان الثدي الذي يستهدف النساء، استوقفتني مدونة لإحدى المصابات والتي عرضت تجربتها تحت عنوان «لحظة خانني جسدي» مما جعلني أتساءل: كيف وصلت إلى هذه الدرجة من التصور بأن جسدها قد خانها عندما استضاف هذا المرض؟. الأمر الذي قد يحمل في طياته أبعادا كثيرة وفلسفة خاصة لدى الذي يعاني من هذا المرض وكأنه كان مستهدفا وقد تم الانتصار عليه أو الغدر به.
تحكي المصابة عن اللحظات الأولى التي سمعت فيها الخبر، والذي كان كالصاعقة التي حلت على حياتها الهادئة فلم يكن هناك من أصيب به في تاريخ عائلتها الممتد، مما جعلها تحاول البحث عن إجابة لسؤال ملح ظل يحوم في سماء حيرتها المكتظة بالعتاب: كيف استطعت يا جسدي أن تخونني؟. لن أسرد تفاصيل القصة لأنها طويلة ومؤلمة، ولكن يهمني أن تعرف الكثير من المصابات أنها وبعد أن فاقت من هول الصدمة، تحولت إلى باحثة نهمه عن معلومات أكثر بهذا المرض وعملت على التغذية المستمرة لمناطق الجهل التي كانت تستوطنها في هذا الشأن قبل الإصابة، بالرغم من أن هناك شهرا كاملا مخصصا من كل سنة للتوعية إلا أنها لم تشعر بحجم القيمة التي كانت موجودة في «أكتوبر» إلا بعد فوات الأوان، فلم تعتقد يوما أنها ستكون ضمن تلك القائمة الوردية، والجيد أنها كانت أشجع مما تظن من خلال ضخ الطاقة الإيجابية في عروق جسدها قبل أن توشك على رفع راية الهزيمة فالحالة النفسية عامل قوي ومؤثر هام لسرعة الاستجابة بمساندة المقومات الطبية التي كانت حاضرة بقوة طوال فترة المرض، إذ أنها أعطت ذلك الجسد فرصة جديدة للتكفير وغفرت له خطيئته التي كانت تعتقدها بعد أن تعافت.
بالتأكيد هناك تساؤلات عدة تطرأ على كل من تواجه هذا المرض، فكيف تقرأ المشهد كل من تصاب به؟ وإلى من تعول ذلك؟. من وجهة نظري أنه من المهم جدا أن تكون الإجابة مفعمة بهالة إيمانية عالية ليتسنى للمصاب السيطرة على انتشار المرض وعدم تدني مستوى الصحة النفسية الجيدة، فلنقم معا بتفسير إيجابي قد يساهم في سرعة التقبل مع الكثير من المنطقية كما أعتقد، فلو فسرنا ذلك بأنه لا يخرج عن احتمالين: إما أن تكون هذه الكتلة السرطانية عبارة عن مجموعة من الذنوب التي شاء الله بقدرته أن يخرجها من سلة أعمالها ليدخلها برحمته الجنة بلا حساب، أو أن تكون حزمة من الحسنات التي قدر أن يضيفها إلى حزم أخرى جمعتها مسبقا لتضمن الجنة، تفسير غريب لدى البعض ولكنه يحمل بعضا من الحقيقة والكثير من الراحة النفسية والتقبل وهذا هو الأهم.