ذريعة الأمن القومي التركي لا تكون منطقية حين تضيف للعالم مزيدا من الإرهاب واللاجئين، وأردوغان يفعل ما يزعم أن يحاربه ليصبح بالفعل جزءا من الأزمة والمشكلة، إن لم يكن هو نفسه كل المشكلة الأمنية والإرهابية في تلك المنطقة الملتهبة، وأكبر دليل على ذلك أنه يتمتع بغرور وصلف يمنعانه من رؤية الحقيقة وهي أن حربه البلهاء تدمر بلدا عربيا لم يتعاف بعد من ويلات الحرب والإرهاب، ويعمل بكل قوته على تمديد عدم الاستقرار فيها.
غرور الرئيس التركي واستعلاؤه على المنطق السياسي والعسكري والأمني يضع العالم على سطح صفيح ساخن، ويكفي أنه لم يؤيده فيما يفعل سوى قطر، لا أحد يقف معه أو يؤيده لأنه في مسار خاطئ تماما لا يعرف معه النتائج التي تترتب على مثل هذه السلوكيات الصبيانية التي يستأسد بها على مقاتلين لديهم حقوقهم الضائعة أيضا مع النظام التركي لذلك يقاتلونه بحثا عن حقوقهم وأمانهم وأمنهم، وبدلا من حوارهم ومفاوضتهم دخل معهم في حرب غير متكافئة غير عابئ بالنداءات الدولية حتى من أقرب حلفائه.
لرئيس تركيا الأسبق ومؤسس جمهوريتها أتاتورك مقولة يبدو أن أردوغان لم يسمع بها رغم أنه يعلق لوحته في مكتبه الذي أعلن منه بدء العمليات العسكرية خارج حدوده، حيث يقول الزعيم التركي "سلام في الوطن، سلام في كل الدنيا" وهكذا نجح في تأسيس جمهورية مستقرة ومتصالحة مع نفسها ومحيطها والعالم، إلى أن دار الزمن وجاء الدور على مثل أردوغان ليشوّه ذلك الإرث بعدم الكفاءة وضيق الأفق وسوء التقدير.
رئيس تركيا بمثل هذه الحرب التي لا يوافقه عليها أحد في هذا العالم إلا دولة واحدة، يتجه لأن يكون جزءا كبيرا في منظومة إنتاج الإرهاب، وحتى اللاجئون الذين يهدد بتصديرهم إنما سيفعلون ذلك خوفا من ويلات الحرب، فهم خصم عليه وليس أمرا يهدد به أو يستخدمه ككرت ضغط ضد الآخرين، فأي تسبب في اللجوء يعني تماسا مع إهدار حقوق الإنسان، وحين نضيف إليهم الضحايا المحتملين لحربه فإنه يضاعف الحساب على نفسه.
خطورة أردوغان على أمن العالم وسلامه تزداد مع مرور الوقت، حين يتجاوز الخطوط الحمراء للأمن والسلم الدوليين، وقد طالبه أعضاء في مجلس الأمن بالكف عن الدخول في هذه الحرب غير أنه لم يسمع سوى لنفسه، ومتحديا الإرادة الدولية بكل صلف، لذلك فإن النار التي أوقدها لن يجد أحدا يطفئها له حين تحرقه وتتسبب في مزيد من المتاعب الأمنية والعسكرية لبلده، وحين يصل الشعب لرأي حول النتائج الحقيقية لما يتسبب فيه لهم من أعباء اقتصادية وأمنية في الحدود وداخل المدن، سيدركون أنهم اشتروا الوهم، وحينها سيأتيه الطوفان كلما أمعن في الحرب، لذلك يبدو أن العالم سيكون أكثر أمنا واستقرارا حين يغيب عن مشهده السياسي رؤساء دول مثل أردوغان منشغلون باستعداء الآخرين وتخريب أمنهم وسلامهم، ويقاتلون أنفسهم إن لم يجدوا عدوا يصنعونه، وإلى أن يحدث ذلك سنظل نراقب نهاية هذا الرجل التي بدأها بإطلاق أول رصاصة في الشمال السوري.