هل تعلم أن عبارة «أنا جايك من طرف فلان» تعادل خبرة 10 سنوات و5 شهادات و7 دورات تدريبية.
هذه العبارة تحمل مدلولات خطيرة، يجب الانتباه لها؛ لأن ضررها ليس على شخص واحد، فقط بل على الشخص والمؤسسة والوطن بأكمله.
فإذا كانت الأمور لا تمشي إلا إذا قال القائل: «أنا جايك من طرف فلان»، ماذا سيفعل من ليس لديه فلان يأتي من طرفه، وأي انعكاس سيكون على نفسية قطاع عريض من المجتمع؟!
بالإضافة إلى أن فيها قتلا للطموح بالتزهيد في السعي نحو التميز والبناء والعطاء الذي هو أساس من أساسات بناء الإنسان وبالتالي بناء الأوطان، لماذا أدرس وأتعب وأسعى للتميز إذا كانت معايير الاختيار ليست الخبرة ولا التحصيل العلمي ولا المهارة، بل «أنا جايك من طرف فلان» التي من الممكن أن تمنح من لا يستحق ما لا يستحق.
كما أنها تعطي معروفا لمن لم يبذل المعروف، فكم من شخص أرسل قائل العبارة الذهبية طالبا منه أن يقولها للمرسل إليه، ولم يأخذ القائل غير حقه الذي جاءه بقوة النظام، ولكن الجميع صنع معروفا على حسابه من حيث لا يدري!
المشكلة أن هذه العبارة مع الوقت - كما هو شبه الحاصل - تصبح جزءا من الثقافة المجتمعية، وبالتالي لا يمكن أن تأخذ ما هو حق من حقوقك إلا بأن تقول العبارة السحرية: أنا جايك من طرف فلان!
نحتاج أن نعيد النظر في تعاملنا مع مثل هذه العبارة، تحميلا وقولا واستقبالا، بألا نتساهل فيها فنحرج كل من نعرف بالإرسال عليه: أبد اذهب لفلان وقل له: أنا جايك من طرف فلان، فنصبح مع الوقت مكروهين من معارفنا؛ لأننا لا نسبب لهم غير الإحراج، بدلا من أن نسعى لأن نقضي حاجاتنا بأنفسنا واعتمادا على الله ثم قدراتنا، وألا نكون ألعوبة بيد من يريد التكسب وصنع المعروف من لا شيء، واستقبالا بأن نسعى للتيسير ومساعدة الجميع بدون الحاجة لمثل هذه العبارة. فسنقف يوما أمام الله وسيسألنا عمن ليس له أحد يأتي من طرفه.
يقول الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: إني لأستحيي أن أظلم من لا يجد عليّ ناصرا إلا الله.