في الكون لا توجد أجندة ثابتة، فما أن تتخذ قرارا حتى يعمل الكون ليتماشى مع قرارك الجديد، فليس هنالك شيء صحيح أو خاطئ كليا، بل سلسلة من الاحتمالات المتجددة مع كل فكرة أو شعور أو فعل جديد تختبره، فإن بدا ذلك مفاجئا لك فتأمل جسدك بتركيز وستتأكد من ذلك فورا، فكل إشارة ذات دلالة، مثل درجة حرارة الجسم ومعدل ضربات القلب، واستهلاك الأكسجين، ونشاط الدماغ، وكلها تتغير تماما حين تقرر أن تفعل شيئا مختلفا، فعملية الأيض في جسم العداء الرياضي لا تشبه بتاتا مثيلتها في جسم الشخص المسترخي على مقعده يشاهد التلفاز، لأن العداء يحتاج لمستوى معين من زيادة التنفس وتسارع معدل ضربات القلب، وإلا فسوف ينهار وتتشنج عضلاته، فالقرارات هي إشارات تخبر جسدك وعقلك والبيئة المحيطة بك للتحرك في اتجاه معين، وقد يظهر فيما بعد أنك لست راضيا بخصوص المنحنى، الذي اتخذته، ويزداد قلقك بشأن صناعة القرارات الصائبة والخاطئة، مما قد يجعلك مشلول الحركة وخائفا من التحرك بأي اتجاه، مع أنك صانع الخيار والأكثر أهمية من أي خيار اتخذته سابقا أو ستتخذه مستقبلا.
وإذا توجست من اتخاذ القرار الأفضل، فهذا يعني أنك تعتقد أن طبيعة الكون شحيحة لا ترضى إلا بخيارات محدودة، وأنها ستبطش بك في حال اتخذت قرارا آخر، فهناك دائما وهم العمل المثالي، والسيارة الأفضل، والبيت الأجمل، وكلها في الواقع تسميات اعتباطية، لأن كل تلك الألقاب تتحول لجيدة أو سيئة حسب قرارك وتعاملك ولا تحمل صفتها ذاتيا، ولهذا فحاول أن ترى الإمكانات الجميلة في كل قرار، وأن تتحرك وتتمدد لأن كل الأحداث ستعمل دوما لصالحك لأنها في النهاية تصب في احتمالين لا ثالث لهما؛ إما أن تكون خيرا لك ويحدث ما تتمناه، وإما ألا يحدث المتوقع ولكنها أظهرت لك ما تحتاج ملاحظته لتطور أوضاعك، والتطور مكسب في كلتا الحالتين، وهذا الكلام ليس من قبل التفاؤل الأعمى، ولكن من قبيل العودة لفلسفة الجسد مجددا، فأي شيء يحدث داخل الخلية هو إما جزءا من عملية صحية، أو علامة تصحيح يجب أن يعالج، وبمجرد أن تستوعب هذه الحقيقة ستتمتع بمرونة التعايش بموازاة الاحتمال، الذي يواجهك، والثقة بالفوز في الحالتين لأن أمر المؤمن كله له خير.