في خطوة غير مسبوقة تفتح المملكة ذراعيها لسياح العالم من خلال البدء في تفعيل نظام إصدار التأشيرة السياحية لمواطني 49 دولة حول العالم، مما يعزز جذب الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع، ويسمح لمَنْ تشبعه الفضول في رؤية المملكة من منظور سياحي والتنزه بين مدنها والتعمق في تاريخها الممتد بأن يشبع فضوله من خلال هذه التأشيرة، التي تعتبر سارية لعام كامل وتسمح له بالإقامة لمدة لا تزيد على 90 يوما، إذ إن هذا القطاع المهم يعتبر من أهم القطاعات في المملكة وأحد الركائز التي تدعم الاقتصاد فيها، كما أنها تلقى دعما حكوميا قويا يتضمنه مشاركة العديد من الهيئات والمنظمات ذات العلاقة، التي تعتبر أحد روافد التطوير لجعل القطاع السياحي داعما لزيادة الناتج القومي الإجمالي للمملكة.
يعتبر توجه المملكة نحو هذا النوع من الاستثمار طريقا معبدا لتحقيق الرؤية الوطنية للبلاد، كما أن الجهد المبذول لتوفير بيئة سياحية متكاملة من خلال ما تملكه من مقومات تاريخية وترفيهية قائمة أو مشاريع طموحة قيد التنفيذ كالممتدة على شاطئ البحر الأحمر على سبيل المثال لا الحصر تعد تصحيحا لبعض الأفكار، التي تعتقد بأن المملكة خيار غير جيد للسياحة، والترويج لتقديم صورة غير صحيحة عن المملكة في هذا الجانب، والمؤسف أن هناك بعضا من أبناء البلد مَنْ يساهم في نشر هذه الصورة بشكل أو بآخر في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال التأفف والإشارة إلى افتقار المملكة للأماكن السياحية ولو سألته: هل ذهبت لأبها أو الباحة أو الأحساء مثلا لأجاب: لا!، كما أن العتب أيضا على بعض المشاهير، الذين قاموا بالترويج للعديد من البلاد والبحث بين أزقتها عن مواطن الجمال فيها، ولم يكن لوطنهم نصيب للكشف عن منابع السياحة فيه لمَنْ يجهلها، فرحلة سياحية داخلية للمناطق الكبيرة وحتى الصغيرة المتناثرة في صدر المملكة قد تساهم بشكل كبير في إظهار الصورة الحقيقية للمملكة، فنحن لسنا بلد نفط فقط، بل نملك قيمة تاريخية وحضارية كبيرة وثّقتها الكتب وسوف يراها السائح على أرض الواقع عند زيارته.
يسعى الجميع لتطوير مفهوم السياحة الداخلية وهذا جيد، ولكن أتمنى ألا يجعل منها نسخة مكررة لغيرها، فالسائح يريد أن يرى السعودية بشكلها الحقيقي وطقوسها، التي لا تشبه أحدا بعيدا عن التقليد والنسخ، إذ إننا نتفرد بهوية خاصة تعتبر مصدر جذب قويا لكل سائح يحاول سبر أغوار المملكة، فلنجعله يتذوق جمالها ويستطعم «نكهتها الخاصة»، التي لن يجدها في أي بقعة من بقاع العالم، فهو لا يبحث عن مقاهٍ تشبه مقاهي بلده ولا فرع جديد لمطعم عالمي قد يجده في أي بلد، بل يبحث عن سر تلك «الهالة المضيئة»، التي تحيط المملكة منذ الأزل.