لعل العنوان الأبرز لمظاهرات العراق، التي اشتعلتْ مؤخرًا في عدد من المدن العراقية هو مواجهة الفساد، وضعف الخدمات العامة، كان هذا هو العنوان الأبرز لتلك المظاهرات الشعبية التي ابتدأتْ من بغداد، وانضمت إليها مدن بعقوبة والمثنى والديوانية والنجف وذي قار والبصرة والناصرية وكربلاء وغيرها من المدن العراقية، لكن الهتافات التي رددها الكثير من المتظاهرين لم تتوقف عند هذا العنوان وحسب، وإنما ترددت هتافات غاضبة ضد إيران، حيث ردد متظاهرون غاضبون في كربلاء على سبيل الاستشهاد وسواها من مدن الجنوب العراقي «طهران برا برا.. كربلاء تبقى حرة»، مما يؤكد حقيقة وعي الشارع العراقي أن ما يشهده من الفساد، وضعف المؤسسات، إنما هو بسبب التغوّل الإيراني الذي سيطر على مفاصل الدولة، حين جاء بأزلامه من خلال بعض الأحزاب الموالية لطهران لتتحكم بمقدرات العراق، ولتصادر حقوق الشعب العراقي إلى الحد، الذي ما عاد يمكن السكوت عليه، حيث تنبه حتى أولئك الذين خدعتهم طهران لبعض الوقت بموضوعة الطائفية، وأنها جاءتْ لحماية مصالح شيعة آل البيت، أن عدوها الأول هو إيران وتغوّلاتها في الجسد العراقي، لتقويضه بالفساد، وصناعة الأزمات التي تعمل على تفتيته، وزرع بذور الفتنة بين أفراده، حينها أدرك المواطن العراقي أن ما يحدث له إنما هو جرّاء حضور إيران في تفاصيل يومياته منذ سقوط بغداد عام 2003م، وطغيانها وعبثها في توجيه حياته إلى ما هو أسوأ، حيث لم يعد أمامه سوى أن يرفع صوته في مثل هذه الاحتجاجات، التي تطالب بخروج طهران من بلاده، بوصفها مبعث هذا الفساد، الذي تغلغل في أوردة النظام وشرايينه، حتى لم يعد هنالك تناسب بين إمكانات وثروات العراق الاقتصادية، ومستوى معيشة أبنائه.
ومع دعواتنا للعراق بالسلامة أرضًا وناسَا، إلا أن وعي المواطن العراقي بمصدر تعاسته -وهو الوجود الإيراني- يجعلنا نستبشر خيرًا بعودة العراق مجددا بكامل قواه وطاقاته إلى حضنه العربي، وقرب شفائه من أزماته التي بدأتْ منذ أن وطئتْ أقدام الإيرانيين ثرى أرض الرافدين ولوثتها بمخططات معممي طهران، وسرقتْ ثروات هذا الشعب العظيم باسم حماية شيعته، قبل أن يستفيق العراقيون بكامل أطيافهم إلى أن طهران ما جاءتْ إلا لتسرقهم وتسرق بلادهم، ولتجعل منها حديقة خلفية لمشاريعها السوداوية، التي تستهدف القومية العربية لتستعبدها لصالح السيد الفارسي، الذي يعشعش كحلمٍ أزليّ تحت عمائم الحجج والآيات.