تناولت في المقال السابق أهمية السياحة بشكل عام وضرورتها النفسية والثقافية والترويحية وتزايد الاهتمام بها عالمياً ومحلياً في ظل الظروف الحياتية المتغيرة التي تزيد من الاهتمام بها وتجعلها في مقدمة الأنشطة الإنسانية في المجتمعات كافة كما أشرنا إلى المقومات التي تجعل من بلادنا مقصداً للسياحة ليست لمواطنيها فقط بل لمواطني البلاد الأخرى وفي مقدمتها الأماكن المقدسة التي تهفو قلوب المؤمنين إليها في كل بقاع العالم مما يجعل السياحة الدينية قطاعاً هاماً في الاقتصاد الوطني عامة وفي مجالات الاستثمار السياحي خاصة إضافة إلى المواقع التراثية والتاريخية المنتشرة في أنحاء المملكة والتي تعود إلى عصور تاريخية متعددة وموغلة في القدم وكذلك اعتراف اليونسكو بالعديد من المواقع الأثرية باعتبارها تراثاً إنسانياً مهماً ومنها مدائن صالح وواحة الأحساء وغيرها. إضافة إلى التضاريس الطبيعية المتنوعة في أنحاء المملكة القارة التي تحوي كافة أنواع هذه التضاريس إلى جانب الشواطئ والجزر مما يحتم وجود خطط واعدة للتنمية السياحية بكافة مجالاتها وهو ما اتجهت إليه المشاريع الكبرى التي تنفذها الدولة في هذا المجال والتي سيكون مشروع نيوم العملاق أبرز معالمها إضافة إلى مشروع القدية وغير ذلك من المشاريع. ويلاحظ المتابع للنشاط السياحي للمواطنين تزايد من يتوجه منهم للسياحة الداخلية في أرجاء الوطن مما يحتم بذل مزيد من الجهود والحملات التعريفية بالوجهات السياحية الهامة في المملكة فبالإضافة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة ومكانتهما الدينية وتوجه الملايين إليهما لأداء النسك فإن وجهات سياحية أخرى أصبحت أكثر وضوحاً على الخارطة السياحية للمملكة ومن هذه الوجهات مدينة الطائف التي توصف بأنها جوهرة السياحة الطبيعية في بلدنا كما تلقب أيضاً " مدينة الورود " وهي وجهة سياحية هامة في فصل الصيف بما يتوفر فيها من مناخ معتدل في فصل الصيف الذي يلتهب في غيرها من الأماكن مما جذب أيضاً السياح من دول المنطقة وخاصة الخليج العربي إضافة إلى المواطنين السعوديين الذين تتزايد أعدادهم يوماً بعد يوم مما يتطلب زيادة المشاريع الاستثمارية وخاصة في مجال الإيواء السياحي والشقق الفندقية والفنادق والخدمات الترفيهية التي تواكبها وتلبي احتياجات السياح وتستقطب المزيد منهم وإلى أقصى الجنوب من منطقة جازان التي تضم العديد من التضاريس الطبيعية الخلابة والمتنوعة إضافة إلى الأماكن الأثرية والوجهات السياحية مثل جزيرة فرسان وشواطئها وغابات القرم وجبال فيفا وعيون الماء الطبيعية الحارة وغيرها. أما أبها التي استحقت بكل جدارة لقب عروس الجنوب وسيدة الضباب فإنها وجهة مفضلة لمحبي المناظر الطبيعية الخلابة وهي تضيف يوماً بعد يوم المزيد من المغريات بزيارتها بما ينفذ فيها من مشاريع ومن ذلك المصاعد الهوائية ( التلفريك ) وغيره من المشاريع، أما عروس البحر جدة فإن مكانتها تترسخ يوماً بعد يوم في المجال السياحي بطبيعتها الساحرة وشواطئها الممتدة على البحر الأحمر.. ويطول الحديث لو أردنا تعداد الأماكن السياحية التي تتعز مكانتها يوماً بعد يوم مما يعد تنامي السياحة الداخلية في المستقبل القريب خاصة وأن السياحة الخارجية في بعض أقطار المنطقة لم تعد آمنة كما هي في السابق بسبب الأحوال السائدة التي نعرفها جميعاً وما واجهه بعض السياح من المواطنين من مشاكل في دول معينة ولذلك فإن الأمن والأمان هو أيضاً في مقدمة المقومات التي تتوفر وطننا والحمد لله، ومما يبشر في هذا المجال هو ما توضحه بيانات الهيئة العامة للإحصاء من ارتفاع عدد الرحلات السياحية خلال عام 2018 م إلى حوالي خمسين مليون رحلة بنسبة تفوق السنوات التي قبلها بما يعادل 4% سنوياً وكذلك نمو قطاع السياحة الداخلية بنسبة تتجاوز 7.5 % سنوياً أيضاً إضافة إلى أعداد المشاريع الفندقية الجديدة التي تتجاوز المئات سنوياً.. والقادم أفضل _إن شاء الله_.