أُسّسَتْ «الأندية الأدبية» في بادئ الأمر للعناية بالأدب ورعاية الأدباء، وكانت التسمية كافيةً للدلالة على هذا المعنى، وأنها عبارة عن مظلة رسمية للأدب بفنونه المختلفة من الشعر والقصة والرواية والنقد الأدبي وحسب، لكن الذي حدث أن تسلل مثقفون لا أدباء إلى بعض مجالس إداراتها فحرفوا هويتها ومهمتها من الأدب المحض إلى ميادين الثقافة الأخرى، وكأن الأدب مجرد فرع من فروع الثقافة، وهو تفسير مخاتل، لأن الأدب فن قائم بذاته أساسه الموهبة، في حين أن الثقافة مجرد معارف، فالمهندس مثقف في فرع تخصصه، والطبيب مثقف في فرع تخصصه والكيميائي مثقف في فرع تخصصه، طبعًا إلى جانب المثقف التقليدي الذي يأخذ من كل علم بطرف، وبالتالي يقوم وصفه على محصلته مما يقرأ من المعلومات، بمعنى أن الأدب فن، في حين أن الثقافة تراكم معارف.
هذا الخلط بين الأدب والثقافة أدّى إلى تبديل هوية الأندية الأدبية، واستثمره بعض المثقفين الذين اقتحموا الأندية ليظفروا بصفة أديب دون أي وجه حق، ودون أن يكون لديهم أي موهبة أو رصيد مطبوع في فنونه المختلفة، خاصة بعدما نجحوا في تغيير اسم تلك الأندية لتكون «أندية ثقافية وأدبية»، وساعدتهم اللوائح التي أعدّتْ لاحقًا لمجالس إداراتها ليكتسحوا ما سُمّي مجازا «بالانتخابات» ليختطفوها تماما، حتى لم يعد من الغريب أن يقيم هذا النادي أو ذاك اليوم أمسية شعرية عن المتنبي تليها في الغد محاضرة عن الحجامة، أو ندوة عن القصة عند يوسف إدريس، مقابل محاضرة عن أسبوع الشجرة أو حوادث المرور، عفوًا أنا لا أستخف بهذه الأمور، لكنني على يقين أنها ليستْ من مهام أندية الأدب. وإجمالا الوضع متاح للجميع لاستقصاء هذه الإشكالية بأبعادها المختلفة والتي همّشتْ الإبداع الأدبي عن أنديته.
وبما أننا الآن نتحدث عن التوجه نحو صناعة مسرح وصناعة سينما، فقد يكون بوسعنا أن نستقدم مُخرجًا مسرحيا أو سينمائيا من هنا وهناك، لكننا بالتأكيد لا يمكن أن نستورد كاتب نص مسرحي أو روائيا يستطيع أن يتقمّص ثقافتنا ليترجم نبض المجتمع ولغة الأرض، ويروي حكاياتنا فنيًا، لا يمكننا أن نستعير المخيال واللسان لأنها خصائص محلية، وهي الطريق المؤدي لاحقًا للعالمية، لهذا لابد من استرداد الأندية الأدبية، وفض الاشتباك ما بينها وبين أبواب الثقافة، وتخصيصها للأدب والإبداع كما يفترض، وتشجيع الأدباء، فالأدب بفنونه المختلفة هو المحتوى الذي يلزم أن ننافس به، وهو الطريق أيضا لتأكيد الهوية وتجديد وسمها، فهل يعود الأدب إلى الأندية الأدبية؟، وهل تعود الأندية إلى أهلها؟.
هذا الخلط بين الأدب والثقافة أدّى إلى تبديل هوية الأندية الأدبية، واستثمره بعض المثقفين الذين اقتحموا الأندية ليظفروا بصفة أديب دون أي وجه حق، ودون أن يكون لديهم أي موهبة أو رصيد مطبوع في فنونه المختلفة، خاصة بعدما نجحوا في تغيير اسم تلك الأندية لتكون «أندية ثقافية وأدبية»، وساعدتهم اللوائح التي أعدّتْ لاحقًا لمجالس إداراتها ليكتسحوا ما سُمّي مجازا «بالانتخابات» ليختطفوها تماما، حتى لم يعد من الغريب أن يقيم هذا النادي أو ذاك اليوم أمسية شعرية عن المتنبي تليها في الغد محاضرة عن الحجامة، أو ندوة عن القصة عند يوسف إدريس، مقابل محاضرة عن أسبوع الشجرة أو حوادث المرور، عفوًا أنا لا أستخف بهذه الأمور، لكنني على يقين أنها ليستْ من مهام أندية الأدب. وإجمالا الوضع متاح للجميع لاستقصاء هذه الإشكالية بأبعادها المختلفة والتي همّشتْ الإبداع الأدبي عن أنديته.
وبما أننا الآن نتحدث عن التوجه نحو صناعة مسرح وصناعة سينما، فقد يكون بوسعنا أن نستقدم مُخرجًا مسرحيا أو سينمائيا من هنا وهناك، لكننا بالتأكيد لا يمكن أن نستورد كاتب نص مسرحي أو روائيا يستطيع أن يتقمّص ثقافتنا ليترجم نبض المجتمع ولغة الأرض، ويروي حكاياتنا فنيًا، لا يمكننا أن نستعير المخيال واللسان لأنها خصائص محلية، وهي الطريق المؤدي لاحقًا للعالمية، لهذا لابد من استرداد الأندية الأدبية، وفض الاشتباك ما بينها وبين أبواب الثقافة، وتخصيصها للأدب والإبداع كما يفترض، وتشجيع الأدباء، فالأدب بفنونه المختلفة هو المحتوى الذي يلزم أن ننافس به، وهو الطريق أيضا لتأكيد الهوية وتجديد وسمها، فهل يعود الأدب إلى الأندية الأدبية؟، وهل تعود الأندية إلى أهلها؟.