لعقود طويلة ظل الحاج يأتي إلى المملكة ويذهب بعد إتمام حجه دون أن نستفيد من وجوده للتعريف بمناطقنا ومعالمنا الجغرافية والسياحية، ونعطيه فرصة ليتبادل معنا ثقافته ومنافعه بصورة أو بأخرى.
ولعقود طويلة، أيضاً، طُرحت أفكار ورؤى عن كيفية الاستفادة من موسم الحج اقتصادياً وثقافيا واجتماعياً، ولم ير أي من هذه الأفكار النور، كوننا لا نجيد صناعة الفرص ولا نتقن استثمار ما لدينا من مقومات جذابة ومهمة تعج بها مناطقنا ومدننا.
المكان الوحيد الذي يستفيد من الحاج هو مكة المكرمة والمدينة المنورة حين يغادر حاملاً معه بعض الهدايا من البقاع المقدسة. وحتى هذه الهدايا من المسبحة إلى السجادة واللوحة الفنية لا نصنعها نحن بل نستوردها من عدد من الدول التي تشتهر بمثل هذه الصناعات وتعتبر مواسم الحج والعمرة مواسم لصناعاتها الدينية الناعمة.
الآن أعلم أن هناك استهدافا لاستضافة ٣٠ مليون معتمر في ٢٠٣٠، وأعلم أن هناك خططاً لاستثمار وجود المعتمر والحاج في المملكة من خلال خلق مجموعة من عناصر الجذب والبقاء بعد فراغ المعتمر أو الحاج من أداء مناسكه، لكنني أتحدث هنا عن مشاريع عاجلة ينفذها القطاع الخاص مثل المتاحف والمناطق الحرة في المطارات والمنافذ البرية التي تزدحم عادة في مثل هذه المواسم.
نريد خلال سنة أو سنتين أن ترى بعض المبادرات والمشاريع النور لنقول إننا عرفنا كيف نستفيد ونفيد من هذه الأعداد الغفيرة التي تزورنا طوال العام. ولتكن البداية مع مشاريع في مختلف مدن المنطقة الغربية، ثم تتوسع هذه المبادرات والمشاريع إلى باقي المناطق والمدن.