مثل كثيرين غيري، لا تتجاوز علاقتي بالإذاعة تلك الأوقات التي أمضيها داخل السيارة في مشاويري المعتادة، لذلك فإنني أستمع غالبا لما هو متاح على موجات الإف إم من الإذاعات السعودية، وكنتُ إلى ما قبل فترة أجد أن غالبية ما يبث هو الأغاني العربية والسعودية والخليجية على وجه التحديد بحكم هوية المحطات، ولستُ في وارد مناقشة محتوى المادة الإعلامية فليس هذا مكانه، لكن الملاحظ في الآونة الأخيرة طغيان الأغاني الأجنبية حتى أنني أصبحتُ غالبا ما أعيد النظر للتأكد من هوية المحطة؟.
أدرك أنني أتحدث عن محطات تجارية تفتش عما يريده الزبون، وأننا أمام سوق كبقية الأسواق كل يحاول فيه أن يعرض البضاعة التي يتوقع أن يجد لها من يشتريها، لكن في المقابل ما لا يمكن أن أستوعبه هو هذا التحول المخيف في المزاج المحلي إلى الذائقة الغربية، وهذا التخطي الكبير لفنوننا وثقافتنا دون مسوغ واضح، طبعا الاحتمال المباشر لهذه الحالة غير الطبيعية هو التقليد، ومحاولة محاكاة الأقوى، فالذي يشعر بأنه الأقل قد يلجأ لتقليد القوي ومحاكاته للادعاء بأنه مثله أو في صفه ومحاذاته، لذلك يأتي هذا الانقلاب المزاجي لترميم الشعور بالنقص، وليس لأنه أفاق من النوم فوجد ذائقته التي ولد بها تسيح من حرارة الشمس بجانبه، فلبس ذائقة غربية، واستبدل حاسته السمعية لتستوعب هذا المتغير بين ليلة وضحاها !. المشكلة أن الأداة الإعلامية التي تسوق هذا المحتوى لا تبيع الإعلان على موجاتها وانتهى الأمر، وإنما هي تساهم بشكل أو بآخر ببيع الهوية، حينما تستجيب لهذه الظاهرة النشاز، وتكرسها، وتقنع حتى من لا يستسيغ الفنون الغربية بالإذعان لهذه الأمواج العاتية لينصاع لها، ويسير في ركابها حتى لا يبدو متخلفا، أو ناقص حضارة، في حين أن الواقع يقول إن الآخرين يحترمونك حين تحترم هويتك، ويعشقون رؤيتك بمحليتك، وبذائقتك في كل شيء، وبعاداتك، وتقاليدك التي ترسم إطار شخصيتك، هم لا يعيرونك أي اهتمام حينما تكون نسخة مزورة منهم؛ لأنك في الحقيقة لن تكونهم، فعلى الأقل كن نفسك أولًا لتفرض احترامك، عوضًا عن أن تكون تكرارًا لغيرك، أو مجرد تابع لمن هو أقوى، فالقوة الحقيقية هي التي نستمدها من جذورنا ونفرضها على الآخرين، لا ما نستورد أدواتها منهم، ونعزفها بنفس أنغامهم.
اليابانيون لم يتنازلوا عن عاداتهم، ولا فنونهم، ولا ذائقتهم ليتقدموا في ميادين الحضارة، وكذلك الصينيون، وغيرهم، لأن الحضارة الصامدة هي ما يكون مدادها طين الأرض لا إسمنت الآخرين !.
أدرك أنني أتحدث عن محطات تجارية تفتش عما يريده الزبون، وأننا أمام سوق كبقية الأسواق كل يحاول فيه أن يعرض البضاعة التي يتوقع أن يجد لها من يشتريها، لكن في المقابل ما لا يمكن أن أستوعبه هو هذا التحول المخيف في المزاج المحلي إلى الذائقة الغربية، وهذا التخطي الكبير لفنوننا وثقافتنا دون مسوغ واضح، طبعا الاحتمال المباشر لهذه الحالة غير الطبيعية هو التقليد، ومحاولة محاكاة الأقوى، فالذي يشعر بأنه الأقل قد يلجأ لتقليد القوي ومحاكاته للادعاء بأنه مثله أو في صفه ومحاذاته، لذلك يأتي هذا الانقلاب المزاجي لترميم الشعور بالنقص، وليس لأنه أفاق من النوم فوجد ذائقته التي ولد بها تسيح من حرارة الشمس بجانبه، فلبس ذائقة غربية، واستبدل حاسته السمعية لتستوعب هذا المتغير بين ليلة وضحاها !. المشكلة أن الأداة الإعلامية التي تسوق هذا المحتوى لا تبيع الإعلان على موجاتها وانتهى الأمر، وإنما هي تساهم بشكل أو بآخر ببيع الهوية، حينما تستجيب لهذه الظاهرة النشاز، وتكرسها، وتقنع حتى من لا يستسيغ الفنون الغربية بالإذعان لهذه الأمواج العاتية لينصاع لها، ويسير في ركابها حتى لا يبدو متخلفا، أو ناقص حضارة، في حين أن الواقع يقول إن الآخرين يحترمونك حين تحترم هويتك، ويعشقون رؤيتك بمحليتك، وبذائقتك في كل شيء، وبعاداتك، وتقاليدك التي ترسم إطار شخصيتك، هم لا يعيرونك أي اهتمام حينما تكون نسخة مزورة منهم؛ لأنك في الحقيقة لن تكونهم، فعلى الأقل كن نفسك أولًا لتفرض احترامك، عوضًا عن أن تكون تكرارًا لغيرك، أو مجرد تابع لمن هو أقوى، فالقوة الحقيقية هي التي نستمدها من جذورنا ونفرضها على الآخرين، لا ما نستورد أدواتها منهم، ونعزفها بنفس أنغامهم.
اليابانيون لم يتنازلوا عن عاداتهم، ولا فنونهم، ولا ذائقتهم ليتقدموا في ميادين الحضارة، وكذلك الصينيون، وغيرهم، لأن الحضارة الصامدة هي ما يكون مدادها طين الأرض لا إسمنت الآخرين !.