عندما نُخَير بين الإنتاج الوفير وتميز الإنتاج فإن الاعتقاد السائد هو أن علينا تقليل الإنتاج لنتمكن من إيجاد المميز والأصيل. وهذا اعتقاد خاطئ حسب ما ورد لنا تاريخيا وحسب الأبحاث. يعتقد الكثيرون أن التركيز على أعمال قليلة ومحاولة إيصالها إلى الكمال هو الطريق إلى النجاح وتخليد الذكر بينما وجد أن هذا الأسلوب هو تحديدا سبب للفشل.
نادرا ما نسمع عن كمية الأعمال المنتجة وقد لا يخطر ببالنا أن نرى الأعمال الشهيرة بجانب تلك العادية التي أنتجها نفس الشخص. من يعلم أن للملحن موزارت أكثر من ٦٠٠ عمل وأن لبيتهوفن ٦٥٠ عملا ولباخ (Johann Christian Bach) ما يفوق الألف. رغم غزارة الإنتاج فإن الأعمال الشهيرة قليلة جدا.
في دراسة تناولت ١٥ ألف عمل موسيقي كلاسيكي وجدوا أنه كلما زادت أعمال الملحن في فترة ٥ سنوات زادت احتمالية أن يحقق نجاحا بعمل مميز.
ينطبق ذلك أيضا على المخترع توماس أديسون الذي سجل ١٠٩٣ براءة اختراع، إلا أننا نعرفه بسبب عدد قليل جدا من الاختراعات التي كان لها دور في تغيير حياة الناس ومنها المصباح الكهربائي والفونوغراف وهاتف الكربون. يشير عالم النفس دين سيمونتون (Dean Simonton) إلى أن الفترة التي كانت أكثر غزارة في الإنتاج هي التي ظهرت بها تلك الاختراعات التي كانت جنبا إلى جنب مع بعض أتفه أعماله.
حسب دراسة أجريت فإن زيادة عدد الأعمال تزيد فرصة أن يكون من بينها الأصيل. الجدير بالذكر هو أنه رغم كثرة الإنتاج إلا أن من أنتجها يصعب عليه التنبؤ بأيهم سوف يلاقي النجاح الأكبر. بيتهوفن على سبيل المثال أخطأ في التنبؤ بنسبة ٣٣٪ عندما قيم بعض الأعمال بتميز ولم تلاق استحسان النقاد وأخرى اعتبرها متواضعة فلاقت رواجا.
الدرس المستفاد هنا هو ألا نسعى للكمال، بل ننتج أكبر كم من الأعمال. فالممارسة المكثفة سوف تزيد من فرص إنتاج عمل أصيل ومميز.
بينما نركز على القمم من الأعمال يسهل نسيان أنها تستند على قاعدة متينة شكلت ذلك الجبل ومصيرها النسيان.