قيل لي أول ما انطلقت بحماس إنها «فترة وتعدي» وبعدها سوف أَمِل، وقيل لي إنني سوف أترك القيادة بعد أن أجرب البحث عن موقف والمشي في الشمس إلى مدخل المكان الذي أزوره. سُئلت عما إن كنت قد فقدت ذلك الوقت الذي أستطيع أن أستغله لو لم أكن أقود. بعد سنة لم تَصْدق التوقعات وما زلت بنفس حماسي وأشجع كل من لم تقد بعد أن تستعجل.
المؤسف في أمر قيادة المرأة هو أن الطلب أكبر بكثير من العرض. فمدارس تعليم القيادة في عدد محدود من المدن لم تستطع بعد تغطية الطلب ناهيك عن باقي المملكة التي لا تتوافر فيها المدارس من الأساس. الغالبية ما زالت تنتظر دورها والبعض بدأن القيادة بدون رخصة بعد أن فقدن الأمل. رغم ذلك فإنه من المؤكد أن تعداد الملكات قد قل وبذلك انعدمت حاجتهن لتلميع التاج.
من التمارين المفيدة النظر إلى نقطة البداية واستخلاص الدروس التي قد تمر دون انتباه. فبعد سنة ما الذي تغير وماذا تعلمت؟
تعلمت أن سيارتي امتداد لي. فإني أتألم لألمها عندما تصادفنا الحفر وهي ليست بالقليلة.
القيادة ثقافة وعلم ومن ضمن ما تعلمت لغة الإشارات والبواري وهي لغة مفيدة لتنبيه الآخرين وللتعبير عن المشاعر أحيانا.
تعلمت أنه مهما قلت «ما لي من الشيطان طريق» إلا أنه -سبحان الله- يلقاك الشيطان على الكتف الأيسر للخط السريع يكبس إنارته من بعيد.
تعلمت أنه عند التقاء سيارتين تتنافسان على حق السير فإن القاعدة تقول «من يمشي هو من يخاف على سيارته أقل» وأنه لا يجب معاندة من كان صدامه يرفرف.
تعلمت أنني لا أستطيع تأديب السائقين المخطئين مهما رغبت بذلك ولكنني أستطيع أن أتسلى بتصوير لوحة كل من يحاول أن يدخل مساري وهو يقف بطريقة خاطئة وإرسالها لتطبيق «كلنا أمن» حتى تفتح الإشارة.
اشتريت سيارة رينج روفور على أمل أن أخوض المغامرات واستعدادا لجميع التضاريس واكتشفت أنني أستطيع أن أشعر وكأنني على خط بري جبلي من خلال دخولي إلى أي حي وحارة تقريبا لأن في الشارع الواحد لا توجد نقطتان على نفس المستوى. إن كنت ممن يحب الألعاب الإلكترونية كل ما عليك تخيله هو أنك تحاول تفادي الحفر وتحصد نقطة عند كل واحدة وإن وصلت وجهتك دون أن تحدث ضررا بسيارتك فقد فزت.
إن القيادة فن وتستلزم مهارة التوازن ما بين اليقظة للطريق وكل ما يحدث من حولك حتى سابع جار من جميع الاتجاهات وبين أعصاب جليدية لا يفزعها الهجوم والمطاردات التي سوف تحدث بين حين وآخر من حولك.
وإن كان إرهابيو الطريق مشكلة حقيقية إلا أن من يوازيهم في الخطورة على غيرهم، أكثر من أنفسهم، هؤلاء الذين يقودون ببطء ويعبرون المسارات دون أدنى تكيف مع نوع الشارع الذي يقودون فيه ولا اعتبار لمن حولهم فيدخلون الطرق السريعة ببطء يؤثر على كل من حولهم ويسبب الربكة والحوادث الوشيكة.
ما أكثر الدروس التي لا يوجد لها متسع هنا لذلك سوف أكتفي. كل عام ونحن نقود بأمان ونتشارك الطريق.