عندما يأتي موسم رمضان من كل عام يبدأ بعض التجار وأصحاب المطاعم وشركات المياه بالتسويق لمنتجاتهم تحت ستار عمل الخير وكأنهم أصحاب فضل عليك عندما تشتري منهم، بل ويرغبونك في الصدقة وأهميتها وكأنك لا تستطيع أن تعمل الخير إلا من خلالهم، وفي المقابل لا يمكن أن تجد منهم أي مبادرة لفعل المعروف والإحسان في هذا الشهر الفضيل، بل يرون أنه شهر الكسب والربح الوفير.
نحن نرى أهمية عمل الخير في كل وقت وبالأخص في رمضان، ويمكن أن يقوم الفرد أو الجمعية الخيرية بتوزيع المواد الغذائية أو المياه بطريقته الخاصة وليس من خلال عروض هؤلاء التي تؤكد أنهم يستغلون الناس في غير رمضان بشكل كبير، ولنضرب لذلك مثلا:
أحد المطاعم المشهورة للأكلات الشعبية في الرياض يقدم عرضا خلال رمضان فقط حيث يقوم ببيع ربع دجاجة مع الأرز بأقل من خمسة ريالات بمعنى نصف دجاجة بأقل من عشرة ريالات وفي الأيام العادية تباع بـ 16 ريالا بزيادة تتجاوز الـ 70% عن سعر رمضان، وإذا علمنا أنه لا يمكن أن يبيع بمكسب أقل من 50% نستطيع أن نتأكد أنه ــ وغيره بقية المطاعم المماثلة ــ يبيعون بمكسب 200% في الأيام العادية وكذلك شركات المياه التي تضخ عروضا كبيرة في شهر الخير وكأنها ترغب في عمل الخير بينما فعليا أرباحهم تزداد الخمسة والعشرة أضعاف بسبب كميات التصريف التي يقومون بها، ولو أخذنا ما تقوم به شركات المياه من عروض نجد أن نسبة التخفيض التي يروجون لها تؤكد أنهم قبل رمضان يحققون أرباحا تتجاوز الضعفين على أقل تقدير.. وأتذكر تشهير وزارة التجارة المعلن قبل شهر لبعض مطاعم الأكلات الشعبية في الرياض؛ بسبب اتفاقهم على توحيد الأسعار ضد المستهلك وعدم التخفيض، ما يؤكد الجشع الذي يحاول تبنيه هؤلاء التجار بأي طريقة وتحقيق أعلى نسبة أرباح.
أعتقد أن دعم الأسر السعودية المنتجة في منازلها والمنتشرة بكثرة في جميع مناطق المملكة أفضل من دعم المطاعم (فيما يخص إفطار الصائمين)، حيث توجد أسر سعودية تقوم بعمل أنواع مختلفة من الطبخات وبمذاقات رائعة يمكن الاتفاق معها ودعمها فيما يتعلق بتأمين الإفطار بشرط أن تكون الأسعار مناسبة، ويوجد الكثير من تلك الأسر على استعداد لتأمين المطلوب بكميات كبيرة إذا تم حجز مواعيد معهم مسبقا، أما تأمين المستلزمات الغذائية للمحتاجين فيمكن الاتفاق مع الجمعيات التعاونية من خلال مجلس الجمعيات التعاونية التي تقدم أسعارا رخيصة وجودة عالية وهي منتشرة في كافة مناطق المملكة، ونستطيع أن نضرب عصفورين بحجر من خلال تأمين المستلزمات الغذائية للمحتاجين وكذلك دعم تلك الجمعيات التي تعمل لصالح البلد ومواطنيه.
تخفيض الأسعار بهذا الشكل الكبير في رمضان يؤكد أن هناك تلاعبا من قبلهم على المستهلك خاصة إذا علمنا أن أصحاب تلك الشركات والمطاعم لا يمكن أن يبيعوا بأرباح أقل من النصف على أقل تقدير، ولذلك يفترض أن تقوم البلديات بتكثيف الرقابة والمتابعة من أجل حماية المستفيد من سطوة وجشع التجار، نحن لا نطالب بعدم الأرباح فهذا من حقهم ولكن أن تكون معقولة فقط.. لا ضرر ولا ضرار.