يقدر حجم الاستثمارات في صناديق الثروة السيادية حول العالم بحوالي 7.45 تريليون دولار حسب تقرير وكالة رويتر في مارس 2018م بعد أن كانت أقل من 3 تريليونات دولار في 2010م، بحيث يستبعد منها الصناديق السيادية الأمريكية مثل صندوق الضمان الاجتماعي. كان تقرير رويتر في مارس 2018م أقل بكثير من توقعات مورجان ستانلي Morgan Stanley، وكذلك توقعات التقرير الصادر عن الكونجرس الأمريكي، حيث قدر أن يصل حجم استثمارات الصناديق السيادية إلى حوالي 12 تريليون دولار في 2015م.
ويعد صندوق الثروة السيادية لحكومة النرويج من أكبر المستثمرين في صناديق الثروة السيادية، حيث وصل استثماره أكثر من تريليون دولار أمريكي، يليه في ذلك صندوق الاستثمارات الصيني بحوالي 940 مليار دولار. أما صندوق هيئة الاستثمار لحكومة أبوظبي فيأتي في المرتبة الثالثة بحوالي 683 مليار دولار، بينما يأتي صندوق الاستثمارات الكويتي في المرتبة الرابعة. أما صندوق مؤسسة النقد العربي السعودي فيأتي في المرتبة الخامسة. ولنعلم أن صندوق الاستثمارات العامة ليس صندوق مؤسسة النقد العربي السعودي.
تقدمت صناديق وتأخرت أخرى من حيث قيمة الاستثمارات لأسباب اقتصادية محلية تخص بلد الصندوق وأخرى عالمية لها علاقة بالوضع الاقتصادي العالمي وقنوات الاستثمار في الدول التي يستثمر فيها الصندوق.
إذا استثمرت المملكة 2 تريليون دولار قبل 2030م فإنها ستكون الأولى على مستوى العالم من حيث حجم الاستثمار في صناديق الثروة السيادية عبر الصندوق السيادي السعودي ممثلا بصندوق الاستثمارات العامة.
تأثرت الصناديق السيادية بنسب متفاوتة بالأزمة الاقتصادية والمالية في الولايات المتحدة وبقية الدول الصناعية التي عمها تسونامي الأزمة الاقتصادية ما يدعو إلى أخذ الحيطة والحذر من الاستثمار غير المتوازن خارج المملكة، خاصة في دول غير مستقرة، خصوصا في الناحيتين الاقتصادية والسياسية.
وبالرغم من الجدل حول مخاطر الصناديق السيادية في الدول الآسيوية على الاقتصاد العالمي، إلا أنني أراها فرصة مناسبة للمملكة للاستفادة من إنشاء عدة صناديق ثروة سيادية متنوعة من حيث قنوات الاستثمار لتقليل المخاطر، حيث ستكون هناك فرص واعدة في الدول الصناعية المتقدمة ومنها الآسيوية والغربية.
ومن الضروري أن تستثمر الصناديق السيادية السعودية في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والذكاء الصناعي. كما أنني أنصح إدارة الصندوق السيادي بتنويع الشركات التي يستثمر فيها، بحيث تستثمر في شركات قوية ومجالات جاذبة غير تقليدية تحقق عائدات استثمارية عالية للمملكة. وأنصح إدارة الصندوق السيادي بالابتعاد من اللعبة السياسية حتى لا يصبح الصندوق تحت تأثيرها بشكل سلبي يؤثر على القيمة الاستثمارية ويبعده عن أهدافه التي أسس من أجلها. ويمكن للقائمين على الصندوق السيادي الاستفادة من الخبرات الخليجية التي سبقتنا في الاستثمارات السيادية مثل الكويت والإمارات، وكذلك الاستفادة من التجارب العالمية في النرويج والصين وسنغافورة وروسيا وكوريا الجنوبية، حيث حققت الصناديق السيادية لتلك الدول عائدات استثمارية عالية قبل وبعد الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية.
ومن الأهمية أن تقوم إدارة الصندوق السيادي بطمأنة الدول المتخوفة من التطورات السلبية المحتملة على الاقتصاد العالمي من خلال إصدار تقارير دورية تتميز بشفافية عالية وإفصاح محاسبي دقيق حتى لا تقع في مخالفات قانونية تكلفها الكثير ما يؤثر في أدائها الذي ينعكس على الاقتصاد السعودي، حيث كانت نقاط اهتمام التقرير المقدم من الكونجرس الأمريكي مركزة على الشفافية والخوف من سيطرة الصناديق السيادية على بعض القطاعات الاقتصادية ذات العلاقة المباشرة بالأمن القومي الأمريكي مثل قطاع الاتصالات والتكنولوجيا المتقدمة.