عندما استعرضت أرباح البنوك السعودية للعام الماضي، حسب موقع أرقام، وضعت يدي على رأسي، فالأرباح كانت كبيرة جدا وتقدر بآلاف الملايين من الريالات، بينما لم ألمس كمتابع أي انعكاس لتصاعد تلك الأرباح سنة بعد سنة على مساهمة البنوك في الخدمة المجتمعية. فما عدا مبادرة أحدها العام الماضي والتي أشدت بها لبناء عدد من الوحدات السكنية والتبرع بها للمحتاجين، لا يوجد ما يستحق الإشارة إليه أو الإشادة به. كلنا يعلم بأن الجزء الأكبر من تلك الأرباح يأتي من خلال عدم تحصيل المودعين لأي فوائد على ودائعهم بسبب الموانع الدينية. ولهذا توقعت بأن تبادر البنوك وردا على ذلك بمضاعفة جهودها لخدمة المجتمع، لكن توقعي لم يكن في محله.
وحتى أكون منصفا، فقد زرت مواقع تلك البنوك، وقرأت كل صغيرة وكبيرة في قسم الخدمة المجتمعية، فلم أجد فيها ما يثلج الصدر أو ما يتناسب مع تلك الأرباح المليارية. ومن بين الخدمات التي أوردتها البنوك في مواقعها الإلكترونية (حملات التبرع بالدم.. السرير الإنساني.. دعم الأسر المنتجة.. رحلات للحج والعمرة.. ترميم منازل بعض الأسر الفقيرة.. توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة.. رعاية الأنشطة الثقافية.. رعاية الفعاليات الصحية.. تكريم المتفوقين والمتفوقات.. تطوير مهارات طلاب المدارس.. رعاية المناسبات الاجتماعية.. المشاركة التطوعية لتحسين البيئة.. حملات تنظيف أعماق الواجهات البحرية.. السلة الرمضانية). هذه هي المبادرات التي شاهدتها على المواقع الرسمية للبنوك، فهل يعقل أن تكون هذه هي المساهمات في ظل أرباح أقلها ملياران ونصف المليار من الريالات عن الشهور التسعة الماضية فقط!؟
لو كانت «كل» تلك الأرباح قد تحققت من استثمارات ومشاريع داخل الوطن لقلنا إنها ساهمت في التنمية الوطنية، لكن - وكما قلت آنفا - فإن الجزء الأكبر هو من عدم تحصيل المودعين لأي فوائد على ودائعهم.
وفي ظل تجاهل تلك البنوك حتى لتأمين مواقف لمركبات عملائها، فإن الحديث عن تنمية ومبادرات وخدمات مجتمعية يبدو كمسرحية كوميدية.. ولكم تحياتي..