من المصطلحات المتداولة بين النخب أن المعرفة قوة. وهذا صحيح، لكن الأصح منه أن الإعلام أو الميديا قوة عاتية، بقدر ما تتقنها وتستغلها لصالح أجندتك تكون مؤثرة وتكون قادرة على الفتك بأفكار الناس، كما تفتك الأسلحة التقليدية بأرواحهم وأجسادهم.
المعرفة التي تشكل قوة حقيقية في هذه الحالة هي كيف تحيط علما وتعرف ما يكفي لتنشئ (ميديا) محترفة يتأثر بها مواطنوك وتشكل الرأي العام الدولي حول أي قضية من القضايا التي تهمك وتحقق أهدافك.
أستكمل هذه الأيام مشاهدة المسلسل الأمريكي الطويل (Homeland) المكون من ثمانية أجزاء. وفي كل حلقة، إلى الآن، هناك كمية هائلة من الغش وتزوير الحقائق. وهناك إساءات بالغة لعدد من الدول والأديان والثقافات والعائلات المسلمة، لكن كل هذا يمر بقوالب فنية وسيناريوهات لا يملك معها المشاهد المستهدف، الأمريكي بالذات، سوى التصديق والتأييد المطلق بأن كل ما عدا الغرب، لا سيما الشرق العربي والإسلامي، هو شر مطلق وآلة تدمير للحضارة المعاصرة وحقوق الإنسان.
بطبيعة الحال فإن المقابل لهذا الشرق المتخلف المدمر هو الغرب المتمثل، في أبرز صوره، في أمريكا التي لا تفعل إلا الخير ولا تسعى سوى إلى تثبيت حقوق الإنسان والدفاع عنها في وجوه الظالمين في هذا الشرق، الذي يبدو على طول الخط متخلفا ورجعيا وإرهابيا وخارج سياق الحضارة.
وفي النهاية لا تملك، باعتبارك شرقيا عربيا مسلما، سوى أن تحلم بأنك تملك نفس الأدوات لتقول لهذا الغرب من هو وماذا فعل وقدر ما ارتكب ضد الإنسان وحقوقه في كل مكان؟! لكن هذا يبقى في إطار الأماني والأحلام كشأننا في كل أمور حياتنا: التشبث بمقاعد المتفرجين.!!