حوادث الدهس التي نسمع عنها كل يوم في عواصم ومدن أوروبا، لا تعني سوى العجز أو الغباء لدى مرتكبيها، الذين يظنون أنهم بذلك يصارعون حضارة الغرب وقيمه. البريء الذي يسير في شارع أو يقف في ميدان عام لم يُلق قنبلة على مسلم، وحتى لم يتفوه بكلمة مسيئة للمسلمين في أي مكان.
لذلك، لا يمكن أن يكون تفسير ارتكاب هذه الحوادث سوى بأحد تفسيرين: إما أن هناك من يخطط ويدبر لتشويه صورة الإسلام والمسلمين على مستوى الشعوب ولدى الرأي العام الدولي، وإما أن مجموعة حمقى ومغفلين، داعشيين وغيرهم، يعتقدون أن دهس أم وأطفالها يبني قواعد عسكرية إسلامية متينة تنافس ترسانات الغرب التقليدية والنووية.
لا يكسب الإسلام ولا المسلمون من هذه الأفعال الدنيئة سوى سوء السمعة وإعطاء المبررات لأعدائنا لكي ينقضوا علينا إعلاميا ويشرعنوا اعتداءاتهم على دولنا ومقدراتنا الشحيحة. ولذلك أنا مضطر هذه المرة للذهاب أكثر مع التفسير الأول والإيمان بنظرية المؤامرة من تنظيمات وأجهزة، لا نعرفها على وجه اليقين، يهمها أن تبقى نار كره المسلمين مشتعلة. وهي تحاول، بمثل هذه الأفعال والحوادث، أن توظف الشعوب لهذه الكره، ضمن أجندة ستظهر مزيدا من علاماتها في المستقبل.
من هنا يجوز السؤال عن ماذا فعل العرب والمسلمون تجاه مثل هذه الحوادث الإرهابية، سواء ارتكبت عن غباء أو مؤامرة.؟! الفعل العربي والإسلامي يجب أن يتجاوز البيانات الوقتية الشاجبة والمنددة إلى بناء اتصال حقيقي مع المؤسسات المدنية والشعوب الغربية، يبين من خلال الحوار الفكري والخطاب الثقافي المستنير، أن المعتدين على الآمنين بأية صورة لا يمثلون قيم الإسلام ولا قيم العروبة. وهذا يتطلب حشدا عربيا وإسلاميا تتنادى له كل الدول، وتوظف له طاقات فكرية وإعلامية متمكنة وقادرة على التعامل مع عقل ومفاهيم إنسان الغرب.