كلما اعتقدنا أن مجتمعنا قد تحرر من الوصاية التي فرضت عليه لأكثر من أربعة عقود، اكتشفنا أن «اللقافة والوصاية» أصبحتا من العادات السيئة التي لا نستطيع الفكاك منها. كلنا يعلم أن حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. مما يعني أنه طالما كان تصرف الفرد مع نفسه أو عائلته أو ماله ولا ينتقص من حقوق الآخرين أو يتعدى على حريتهم أو يؤثر على حياتهم، فإن لا أحد له الحق على انتقاده أو فرض الوصاية عليه حتى من باب النصيحة إن لم يكن هو مستعدا لسماعها. ومع التسليم بأن الفرد جزء من المجتمع يؤثر فيه ويتأثر به، إلا أن هناك أمورا شخصية لا علاقة للمجتمع بها.
قبل فترة ليست بالبعيدة قرأت تعليقات مسيئة وجهت لإحدى الشخصيات المرموقة علميا واجتماعيا لأنه نشر صورة له بجانب حفيدته في حفل تخرجها. كما قرأت تعليقات على الكثير من المواقف المشابهة لذلك الموقف. المنطق يقول بأن لا أحد له الحق في التدخل في حياة الآخرين مهما كانت المبررات، وأن الناصح أو الناقد لن يكون أكثر حرصا من هذا الرجل الوقور على اسمه ومكانته وسمعة أسرته.
في الأيام الماضية ومع بداية الإجازة المدرسية اكتظت منافذ المملكة المؤدية إلى الكويت والبحرين وهو أمر متوقع خاصة مع توافقها مع بعض المناسبات الأخرى. لكن هناك من لا يرى الأمر كذلك. فقد تزاحمت التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي مستنكرة على الناس سفرهم. ولا أدري ما دخل أولئك في من يسافر للبحرين أو الكويت أو حتى للهند أو السند طالما لم يطلب منهم سلفة أو يأكل عليهم حقا. لست مخطئا إن قلت إننا نعيش بالفعل بين بعض المرضى الذين لا «هم» لهم غير متابعة تصرفات الآخرين والتعليق عليها والتهكم على أصحابها.
«اللقافة» مرض نفسي وعلى من يشعر بأعراضها مراجعة أقرب مصحة نفسية ولكم تحياتي