ومن لا يتوقف كلامه عن حبه لوطنه وهيامه به، بينما هو لا يقدم لوطنه غير الكلام، بل قد يكون مؤذياً، يسهم في تدمير وطنه بممارساته ومخالفاته، والتدخل فيما لا يعنيه، هو كالمدعية الثانية.
والموظف أو المدير الذي لا يتوقف عن الحديث عن الرقي بالمؤسسة، بينما هو طوال تاريخه المجيد لم يقدم أي عمل أو مبادرة تستحق، وعلاقته بالمؤسسة حسب خارج الدوام والانتداب، إن أعطي رضي وإن لم يعط إذا هو من الساخطين، حبه لمؤسسته وسعيه لتطويرها مجرد ادعاء.
ومن يتكلم عن الأبوة ودور البيت المحوري، بينما أغلب وقته في الاستراحة، ومسؤولية البيت يلقيها على الزوجة وإخوانها، هو مدع للأبوة وحبه لأولاده ليس حباً حقيقياً حتى ولو ملأت صورهم جواله.
وأيضاً من تتكلم عن التربية وتنظّر في ذلك، بينما مستويات وتصرفات أبنائها تدل على أنهم آخر اهتماماتها، هي مدعية ولو اشترت لهم أفضل الماركات.
هناك أيضاً مدعو كرم شوهوا الكرم بالهياط، وهناك مدعو شجاعة يبحثون عن الشر والأذى ثم بعد ذلك يرجون ويتوسلون.
ظاهرة الادعاء موجودة من زمن سليمان عليه السلام وستظل موجودة ما بقيت البشرية، وعلاجها الأساس من وجهة نظري هو وعي المجتمع، بتعرية المدعين وعدم الوقوع في أسر المجاملات القاتلة، ولا تعني هذه التعرية سوء الأدب، بل اختيار الأسلوب المناسب الذي لا ينال معه المدعي تقديراً لا يستحقه، وما يطمئن أن القاعدة الثابتة التي لم تتغير منذ بداية التاريخ: ما ينفع الناس يمكث في الأرض وأما الزبد فيظهر قوياً ولكنه سرعان ما يذهب جفاءً.