كل حدث عالمي له (لقطة إعلامية) كبرى، هي التي تطيرها وكالات الأنباء وتبثها التلفزيونات وتحفل بها وسائل التواصل الاجتماعي. وقد كانت مصافحة سمو ولي العهد والرئيس الروسي بوتين هي لقطة قمة العشرين في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس. كان هناك لقطات في كل مكان من القمة، لكن هذه اللقطة احتلت الصدارة لنكهتها الخاصة أولا ولدلالاتها الموحية ثانيا. نكهتها الخاصة واضحة في نوعها وكونها حدثت فيما يبدو والزعيمان يتبادلان نكتة أو مجموعة نكات. أما دلالاتها فهي ما جعلها - وربما سيجعلها إلى حين - حديث الإعلام في كل أرجاء الكرة الأرضية.
الدلالة الأولى من هذه المصافحة أن قيادة المملكة، ممثلة بسمو ولي العهد، تحظى بصداقات دولية على المستوى الشخصي مع مختلف زعماء العالم، نظرا لمكانتها باعتبارها دولة مؤثرة بحق وصدق على كل المستويات، لا سيما المستويين السياسي والاقتصادي. وهي - بهذه المكانة - لا يعنيها ولا يضرها، كما لا يعني أصدقاؤها ولا يضرهم، الحملات الإعلامية التي تحاول تشويهها أو الإساءة إلى سمعة قيادتها وجر أصدقائها لاتخاذ مواقف سلبية منها. وهنا نتذكر أن روسيا كانت الأكبر عقلا والأحصف في التعامل مع قضية خاشقجي، حيث صرحت من أول يوم أنها تثق ببيانات المملكة حول الحادثة وتضعها فقط في إطارها الجنائي والقانوني.
الدلالة الثانية أن حملات التشويه، مهما بلغ زخمها وحجمها، قد تهزمها لقطة إعلامية واحدة، لأن هذه اللقطة تضع هذه الحملات في حجمها الطبيعي وتثقب بالونها الذي يملأ سماء الإعلام. وقد حدثت هذه الهزيمة في أوجها حين كان مذيع قناة الجزيرة، في بثها المباشر من قمة العشرين، يتساءل عمن سوف يسلم بحرارة على سمو ولي العهد ومن سيقترب منه أو يبتعد، وإذا بهذه المصافحة النوعية تصفعه مباشرة على قناته وتحرجه أمام جمهوره وأمام مصداقيته ذاتها.
الدلالة الثالثة والأخيرة، أن مكانة سمو ولي العهد وعلاقاته مع زعماء العالم لم تهتز قيد أنملة، رغم العاصفة الإعلامية الهوجاء التي أثيرت ضده وضد المملكة، فهو لا يزال عند الرئيس الروسي وعند كل الزعماء، الذين التقاهم وديا أو رسميا، الشخصية التي يُراهن عليها لاستقرار المنطقة وتنميتها.