والجودُ بالنَّفْسِ أَقْصَى غايةِ الجُودِ
هذا البيت ينطبق على جنودنا البواسل الذين ضحوا بأنفسهم وراحتهم في سبيل الدين ثم الوطن وأرخصوا الغالي والنفيس ليبقى هذا البلد عاليا شامخا لا تمسه يد الأعداء ولا تطاله مكائد الحاقدين، وكما قال الشاعر لا يعلو على الجود بالنفس أي جود أو كرم، وللحق فإن الدفاع عن هذا البلد يعني الدفاع عن المقدسات وعن قبلة المسلمين، ولذلك فالفخر كل الفخر في تقديم أعز ما يملك الإنسان لهذا الوطن الذي تتجه إليه أفئدة المسلمين من كل أصقاع المعمورة.
عندما نتحدث عن أهمية تقدير الوطن لجنودنا البواسل فإن هذا الأمر لا يعني أن تلك التضحية بمقابل، ولكن من لا يشكر الناس لا يشكر الله ولذلك جاء تكريم الوطن لهؤلاء الجنود سواء من استشهد منهم أو أصيب أو من هم على رأس الخدمة مرابطين في الحد الجنوبي من باب التقدير لتلك التضحيات التي سيسطرها التاريخ، فنحن نرى ونشاهد ونسمع عن بطولات جنودنا وتقديمهم أنفسهم فداء للدين ثم الوطن في صور بطولية قلما تتكرر، وأتذكر قبل أيام قلائل عندما شاهدت في أحد الفيديوهات مدرعة سعودية بداخلها عدد من الأشاوس السعوديين تقتحم خط النار لتواجه الأعداء الذين تناثروا أمامهم، وقيام أحد الأبطال بحمل زميله الجريح والرصاص يتناثر تحت قدميه في صور أقرب للخيال، وما تلك إلا قليل من لقطات التضحية والفداء التي امتلأت بها ساحة الوغى في الحد الجنوبي.
نحن هنا في بلد الحرمين الشريفين نعيش ولله الحمد براحة وأمن واطمئنان دون أن نشعر بأي مكروه وكأننا لسنا في حالة حرب، والفضل لله عز وجل ثم لهؤلاء الأبطال الذين شكلوا سدا منيعا وحائطا يستعصي على الأعداء وأصبحوا مضرب المثل لدى الأمم في القوة والشراسة على أصحاب الشر والإرهاب الدولي، وبقوتهم وتماسكهم تحولت حدود السعودية إلى نار لمن أراد شرا بهذه البلاد.
لقاء سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الذي جرى مؤخرا مع أسر الشهداء يؤكد اهتمام القيادة على أعلى المستويات بهذه النخبة، حيث أبانت كلمات سموه التي ألقاها على مسامع أسر شهداء الواجب، الذين ضحوا بأرواحهم في ميادين العز والشرف والكرامة، عن اعتزاز سموه بما قدمه أبطالنا من تضحيات، وتثمينها عاليا، وتقديره لأهالي الشهداء، ورغبته في تلبية طلباتهم وقضاء حوائجهم.
مملكة الإنسانية لا يمكن أن تنسى من وقفوا وقفات مشهودة من أبنائها ـ وهذا ليس غريبا فهي دار العز والكرم ـ ولذلك جاء الكثير من القرارات والمزايا تدعم تضحيات هؤلاء الأبطال، حيث تم مؤخرا إقرار القرض الحسن بمبلغ 140 ألف ريال للعسكريين يضاف لمبلغ القرض العقاري، وكذلك شمول أبناء ووالدي شهداء الواجب بالتأمين الطبي والقبول الفوري لأبنائهم في الجامعات والوظائف، وتسهيل أمورهم المادية والوظيفية وغيرها من مزايا يستحقونها نظير ما سطروه من وفاء وتضحية.
أتمنى تخصيص يوم سنوي تحت مسمى (يوم الشهيد) نستذكر فيه بطولات جنودنا وما عملوه لأجل نصرة هذا الوطن ورفع رايته عالية خفاقة، ولتبقى أسماؤهم في ذاكرتنا لا يمحوها تعاقب الزمن.