قبل عدة سنوات حصلت طالبتان توأم على شهادة البكالوريس بتفوق على الدفعة التي تخرجت في جامعة الملك فيصل بالأحساء. ورغم أن الفتاتين من بنات عمومتي، إلا أنني رغم ذلك ولكثرة الخريجات من الأسرة لم أعرف بتفوقهما وتميزهما إلا بعد أن تم تعيينهما للتدريس في محافظة حفر الباطن. أي أنه ورغم تفوقهما ورغم حاجة الكثير من مدارس الأحساء لهما في ذلك الوقت، إلا أن قرارا كان ينص على أن تقوما بالتدريس في مدارس تقع على بعد حوالي 600 كيلو متر من مدينة الهفوف. ورغم ذلك لم تشتكيا أو تتذمرا، بل رأت كل منهما أن خدمة هذا الوطن شرف لهن في أي بقعة في هذا الوطن. ومع صعوبة الغربة والبعد عن الأهل، إلا أنهن خططتا لجعل هذا البعد حافزا وليس إحباطا عبر تحويله إلى خطة طموح من النادر أن نراها أو نسمع عنها... فتاتان توأم ولديهما إرادة حديدية وحلم كبير للارتقاء إلى الأفضل. ولكن ما أن سمعت عن خطتهما الطموح وحلمهما الكبير حتى أبديت شكوكي في قدرتهما على تحقيق ذلك...فماذا كانت النتيجة؟
قبل عدة أيام احتفلت أسرة الملحم بحفل تفوقها الثالث والعشرين بتشريف عدد كبير من الحضور، وتحت رعاية وكيل محافظة الأحساء الأستاذ معاذ الجعفري، ومدير عام التعليم بالأحساء الدكتور أحمد بالغنيم، ووكيل جامعة الملك فيصل للشؤون الأكاديمية الدكتور عبدالله النجار، وعميد الأسرة الشيخ عبدالله الملحم.
ورغم الدعوات المتكررة لي، إلا أنني لم أستطع الحضور لظروف خاصة بي. وكان حفل التفوق عبارة عن حفل يستمر ليلتين. الليلة الأولى: للبنين، والليلة الثانية: للبنات. وبعد الحفل تلقيت كتيبا يحوي تغطية كاملة لفقرات الحفل واسماء مئات من المتفوقين والمتفوقات من الأسرة. وبعد قراءة الأسماء لاحظت اسمين من المكرمات في حفل التفوق للبنات وهما: «نورة ونهاد» في خانة المكرمات الحاصلات على شهادة الدكتوراة. وعندها رجعت لي ذاكرة تخرجهن في الجامعة بشهادة البكالوريس وبتفوق وسألت نفسي... فتاتان توأم متفوقتان ويتم تعيينهما في منطقة بعيدة عن سكنهما. فكيف لم يتململا أو يصبن بالإحباط. بل شقتا طريق النجاح إلى الماجستير والدكتوراة... فيا دكتورة نورة ويا دكتورة نهاد أقدم اعتذاري.. فلم أكن أعلم عن موهبتكما وإرادتكما الحديدية.