بقراءة تفاصيل المؤشرات الداخلية للاقتصاد السعودي ومؤشرات تأثيره على الاقتصاد العالمي يتبين بوضوح أن المملكة صنفت عالميا في المرتبة 39 من أصل 140 دولة في تقرير التنافسية العالمي للعام الحالي، وهو تقرير يصدر كل عام عن المنتدى الاقتصادي العالمي بما يؤكد تقدما ملحوظا وتحسنا لاقتصاديات المملكة منذ عام 2012، وتلك المؤشرات تدل دلالة واضحة على قفزة نوعية للأعمال في القطاع الخاص ومشاركته الفاعلة والملموسة في التنمية الاقتصادية المتصاعدة.
ولعل من الواضح استنادا إلى تلك القراءة أن العمل التكاملي لأكثر من جهة حكومية مثل دافعا لتحسن ترتيب المملكة في التقرير التنافسي المطروح، وقد تمكنت تلك الجهات بنجاح من معالجة كافة التحديات والمعوقات والصعوبات التي واجهت القطاع الخاص وتمكنت من دعمه بطريقة مؤثرة خلال عدة مراحل متعاقبة، لاسيما أن هذا الدعم ترافق مع سلسلة من الإصلاحات الملحوظة في أجهزة تلك الجهات بما أسفرعن أداء اقتصادي سعودي ظهر جليا في تقرير التنافسية العالمي، ولا شك أن التغيير الطارئ الذي أدخله المنتدى الاقتصادي العالمي على منهجية التنافس حيث تم بموجبه زيادة عدد الدول المتنافسة لتصبح 140 دولة أدى بطريقة مباشرة وتلقائية إلى تأثر ترتيب العديد من دول العالم، وأدى بالتالي إلى وصول المملكة لتلك المرتبة المرموقة بين تلك الدول.
ولا شك أن التغيير في حد ذاته أدى بالفعل إلى إنشاء منهجية جديدة لقياس التنافسية، وهذا التغيير لم يشمل إضافة دول لم تكن مضافة من قبل ولكنه شمل أيضا إحداث آلية لها خاصية جمع البيانات والاستبيانات التي تمثل في حجمها ما نسبته 70% من نتائج التقرير، كما أن النتائج من جانب آخر اعتمدت على المصادر والإحصاءات الدولية بنسبة 30%، وهذا يعني فيما يعنيه أن تلك المنهجية المستحدثة مغايرة لنتائج المنهجية السابقة، حيث مثلت الاستبيانات والبيانات خطوة جديدة احتلت بموجبها المملكة تلك المرتبة المتقدمة في عالم التنافس الاقتصادي على مستوى العالم، وانطلاقا من هذه المرتبة فإن الاقتصاد السعودي يعد من الاقتصاديات الرئيسية الهامة على مستوى دولي سواء ما تعلق منه بالمؤشرات الداخلية الصرفة أو ما تعلق منه بمؤشرات تأثيره المباشر على الاقتصاد العالمي.
واستنادا إلى ذلك يمكن القول إن الاقتصاد السعودي الناهض يرتبط بحقائق مشهودة، أهمها أن المملكة تختزن أهم مصادر الطاقة في العالم، وأعني بها المصادر النفطية، وتعتبر المملكة وفقا لإحصاءات دقيقة الأولى عالميا في تصدير النفط بحصة تبلغ 12% من الإنتاج العالمي، وهي الأولى أيضا في الاحتياطات النفطية، كما أن خبراء الاقتصاد في العالم يؤكدون حقيقة علمية تتمحور في أن المملكة هي آخر دولة سوف ينضب النفط فيها من بين كافة دول العالم المنتجة لهذه الطاقة الإستراتيجية الحيوية.
ويعني تقرير التنافسية العالمي المطروح وما حققته المملكة من مرتبة متقدمة أن استشراف المستقبل الاقتصادي الجديد المستند في كل تفاصيله وجزئياته إلى الرؤية الطموح 2030 سوف يتحقق بفضل الله ثم بفضل القيادة الرشيدة التي أرادت من الرؤية نقل المملكة في فترة زمنية قياسية من عمر تقدم الشعوب ونهضتها ونموها إلى مرحلة اقتصادية جديدة تسابق بها ركب الدول المتقدمة الصناعية في العالم، ويبدو أن ملامح تلك المرحلة الحيوية أخذت في الظهور منذ الشروع في تنفيذ سلسلة من المشروعات الحيوية الكبرى عبر شراكات المملكة المختلفة مع الدول المتقدمة لتوطين الصناعة وترسيخها على أرض الوطن.