تشتكي والدة إحدى الطالبات من المعلمات اللاتي يرهقن البنات بالمطويات وملفات الإنجاز والرسوم والمجسمات، وتضيف: للحق فإن بعضها ليس إلزاميا ولكن مجرد أن تذكر المعلمة أن من يحضر هذه المواد سيحصل على المزيد من الدرجات، أو تعطي اهتماما أكبر لمن تجلب هذه المتطلبات، فإنها تتحول إلى إلزام بشكل غير مباشر، وتقول الوالدة: إن جميع هذه الأعمال لا تهتم بها المعلمات ولا ينظرن إليها، وإنما بهدف نشرها في معرض مؤقت ليقال إنهن مبدعات ومتميزات، من يقوم بهذه الأعمال ويتحمل أعباءها هم الأهالي؛ بسبب عدم قدرة الطالبة على هذا المستوى من الإخراج والطباعة والخامات المتميزة، فيضطر أولياء الأمور للبحث عن مراكز خدمات الطالب التي ترهق الأهالي بالالتزامات المالية؛ ليخرج العمل متميزا أو إذا كان لدى الوالدين مقدرة مهنية وفنية فإنهما سيواصلان الليالي ليظهر العمل بالشكل المناسب، وبعد ذلك يتم عرض هذه الأعمال في معرض داخل المدرسة لمدة لا تتجاوز الساعة أو الساعتين، وبعد أن ينتهي المعرض وتحصل المشرفة على عبارات الثناء والمديح وشهادات التميز تقوم بإرجاع الأعمال الفنية للطالبة التي تعيدها للمنزل، وبالتالي مصيرها فوق الرفوف، وفي حال لم تسلم المدرسة هذه المواد للبنات فإنه يتم إتلافها بشكل مستمر ولا يتم الاحتفاظ بها.
وتقول هذه الوالدة: إن المبالغ التي يتم صرفها على المطويات والمجسمات والأمور الفنية وغيرها ربما تتجاوز سنويا -بشكل تقديري- المائتي مليون ريال في جميع مدارس المملكة، ولو تمت الاستفادة من هذه المبالغ في مسارات أخرى لاستطعنا تحقيق إنجاز يحسب للتعليم في السعودية.
وتضيف الوالدة: إن مدارس الأولاد لا يتم فيها ربع هذه الأعمال ولو حدث فإن الطالب يقوم بنفسه بعملها؛ لأن المعلمين لا يشترطون إبداعا فنيا بقدر ما يتم التركيز على قيام الطالب بنفسه بتنفيذها لترسخ المعلومة في ذهنه، وهذا أحد أسباب تميز الطلبة، ولذلك لا نستغرب تفوقهم على البنات في اختبارات التحصيلي والقدرات بشكل أكبر.
في رأيي أننا تجاوزنا هذه المرحلة في الوقت الحالي وربما يكون التركيز على الأعمال الفنية والرسوم البيانية والإبداعية والواجبات عن طريق الكمبيوتر، بمعنى لو أردنا عملا إبداعيا يكون تقنيا وليس كما في السابق لوحات تكتب في محلات خدمات الطالب وتعلق في الفصل، أما أصحاب الموهبة في الخط والرسم وغيرها فيمكن أن يتم تنظيم معرض خاص بهم وليس تعميمها على جميع الطلبة.
مما يؤكد حجم هذه المشكلة أن المكتبات ومراكز خدمات الطالب قائمة على مثل هذه الأعمال التي تطلبها المعلمات، وتحقق أرباحا كبيرة للقيام بهذه المواد التي لا تستفيد منها الطالبات بسبب عدم قيامهن بتنفيذها بأنفسهن، ولذلك أقترح إلغائها أو جعلها اختيارية لمن أراد وعدم إرهاق الأهالي بذلك.
حصة التربية الفنية مهمة ولم يتم استثمارها بالشكل المطلوب، ويمكن من خلالها عمل مجموعات للطلبة وتنفذ المهام داخل الحصة وسنستفيد من ذلك تدريب الطلبة وتعويدهم على العمل الجماعي وعدم إرهاق الأهالي بأعمال لا طائل منها.. فهل يتحقق ذلك يا وزارة التعليم؟.