التنمية الشاملة في المملكة لم تقتصر على منطقة دون أخرى أو تختص بمدينة وتهمل البقية، وهي سياسة تنموية درجت عليها السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- فهذا الكيان الشاسع لا فرق بين شرقه وغربه وشماله وجنوبه ويحظى بالدعم والتطوير بدون استثناء.
عندما وحد المؤسس هذا الكيان الشامخ بدأ بتوطين البادية في الهجر في جميع مناطق المملكة وتم خلال تلك الفترة إيصال جميع الخدمات إليها لينعم أفرادها بالتقنية الحديثة التي كانت موجودة في المدن الكبيرة مثل الكهرباء والسفلتة والتليفون وغيرها مما ساهم في خلق قرى تحولت مع الوقت إلى مدن يشار إليها بالبنان، ومع الازدهار الاقتصادي الذي شهدته المملكة برزت بعض المدن الكبيرة وتطورت وحظيت كغيرها من مدن العالم بالتنمية والتطوير والجهات الحكومية التي تقدم كافة الخدمات مما ساهم في خلق هجرة من المدن الصغيرة والمتوسطة إلى المدن الكبيرة بحثا عن الرزق والتعليم والوظائف وغيرها وصاحب هذا الأمر حدوث فجوة واختلال في التركيبة السكانية مما جعل أغلب سكان المملكة يتركزون في أربع مناطق فقط هي: الرياض، مكة، المدينة، الشرقية وهو ما يشار إليه في علم الاجتماع بمناطق الجذب ومناطق الطرد، ولكن وكما أشرت سابقا من أن سياسة المملكة هي التنمية المتوازنة فقد بدأ التطوير مرة أخرى في المناطق المتوسطة، حيث تم إنشاء الجامعات في أغلب مناطق المملكة، وأتذكر حينها كنت أعمل في وزارة التعليم العالي وكانت الجامعات الحكومية لا تتجاوز 9 وقفزت إلى 28 في فترة قياسية مما ساهم في عودة الكثير ممن انتقلوا إلى المدن الكبيرة إلى مدنهم الأقل نموا، فالجامعات كما يقال تخلق مدينة فما بالك إذا كانت المدينة قائمة أصلا وفيها جميع المقومات خلاف التأثير الإيجابي لهذه المدن الجامعية من الناحية العمرانية والاجتماعية والاقتصادية.
رؤية المملكة 2030 لم تغفل هذا الجانب بل كرسته من خلال العديد من المشاريع المهمة التي ستعزز المناطق التي ستنشأ فيها ولنذكر على سبيل المثال مشروع القدية الذي سيقام جنوب الرياض بين مدينتي (ضرماء والمزاحمية) هاتان المدينتان من المدن الصغيرة ولكن مع وجود هذا المشروع بالتأكيد ستصبحان رقما مهما على مستوى الترفيه العالمي، وكذلك مشروع (نيوم) هذا المشروع الذي تحدث عنه القاصي والداني وأشاد به كبار المحللين الاقتصاديين العالميين مؤكدين أنه وجهة الاستثمار الدولي، يقام في منطقة تبوك أقصى شمال غرب السعودية هذه المنطقة التي كانت غير معروفة قبل إطلاق المشروع وتحولت بين عشية وضحاها إلى حديث العالم بالتأكيد ستتحول إلى منطقة جذب وستغير من وضع المكان تنمويا وسكانيا. أيضا مشروع البحر الأحمر الذي تم الحديث عنه وهو مشروع سياحي تم الإعلان عنه مؤخرا وتبلغ المساحة الإجمالية للمشروع حوالي 34 ألف كيلو متر مربع ويتضمن أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه مما يؤكد أن هذا الموقع سيصبح وجهة عالمية وسيمنح الرخاء والتطور للمنطقة وساكنيها وقد بدأ الكثير بشد الرحال إلى هناك للاستفادة من المزايا الاقتصادية المتوقعة.
التنمية المتوازنة سياسة حكيمة درجت عليها المملكة لتحقيق التطور والبناء لجميع المناطق بدون استثناء مما يحقق الازدهار والرخاء لجميع أبناء الوطن.