** لجنة الحكام تدير الظهر للحكم الأقل أخطاء
--------------------
هلع كبير، وخوف من المستقبل، بات يعيشه الحكم السعودي، الذي أصبح، وللعام الثاني على التوالي، بعيدا كل البعد عن التواجد في ادارة مباريات كأس دوري الأمير محمد بن سلمان للمحترفين لكرة القدم، حتى غير الجماهيرية منها.
-----------------------
** دور ثانوي
وسيقتصر دور الحكم السعودي، حتى ممن يملك الشارة الدولية، على التواجد كحكم رابع، أو كحكم «الفيديو المساعد»، في دوري المحترفين، في الوقت الذي سيشارك في تحكيم منافسات دوري الأمير محمد بن سلمان للدرجة الأولى لكرة القدم، كحكم ساحة، وحكم مساعد.
** محسوبيات ومجاملات
المخاوف بدأت في الظهور منذ الاستجابة للضغوط الجماهيرية، بإبعاد الحكم السعودي عن ادارة المباريات الكبيرة، رغم تواجد من يملك القدرة على قيادتها لبر الأمان من الحكام المحليين.
ولم تكن الضغوطات الجماهيرية، والمطالبة بتواجد الحكم الأجنبي وليدة الصدفة، فالمجاملات كبيرة، والترشيحات تأتي حسب الأهواء، كما يشير الحكم السابق ومقيم الحكام العميد أحمد الوادعي، الذي يقول: «الحكم السعودي الأقل أخطاء تحكيمية لم يلق الدعم اللازم من لجنة الحكام الرئيسية في الاتحاد السعودي لكرة القدم، حيث يتم تكريم الحكم الأكثر أخطاء، بترشيحه ضمن قائمة حكام النخبة، وكذلك للتواجد في المحافل الخارجية، فالمحسوبيات والمجاملات قادتنا للتأخر في هذا المجال».
استبعاد عن التواجد في المباريات الكبيرة، ومجاملات مستمرة، بالاضافة لمستحقات غائبة، كلها عوامل ساهمت في ابتعاد العديد من الحكام المميزين عن سلك التحكيم، خاصة حينما وصلوا إلى قناعة تامة بأن اجتهادهم، ومستوياتهم المتقدمة، لن تشفع لهم في الوصول للترشيح من أجل الحصول على الشارة الدولية.
** تطور ملحوظ
ومع قدوم الانجليزي هاورد ويب لتولي رئاسة دائرة التحكيم السعودية، استشعر الحكم السعودي أهميته، وبدأ في التطور شيئا فشيئا، رغم ارتكابه بعض الأخطاء، حيث نجح الحكم الانجليزي السابق في اعادة الثقة بالحكم السعودي، مكلفا اياه بإدارة العديد من المباريات الهامة.
** أطقم أجنبية
لكن ومع قدوم اتحاد عادل عزت، واتخاده قرار زيادة عدد الأطقم التحكيمية الأجنبية لكل فريق إلى (8) أطقم، قرر ويب التنحي عن منصبه، مبينا أن القرار تسبب له في خيبة أمل، ووصفه بغير الضروري، مؤكدا أنه لم يجد قرارا من الحكام السعوديين، يحابي ناديا معينا.
وأوضح هاورد ويب أنه كان يعتقد بأن اتحاد القدم سيخفض عدد الحكام الأجانب، مبينا أنهم يقترفون أخطاء كثيرة، لكن رغم ذلك تستمر الاستعانة بهم، وهو ما يضر مستقبل الحكم السعودي.
استقال ويب عقب مضي (19) شهرا من عقده الذي كان يستمر لثلاث سنوات، ليحل بدلا منه زميله ورفيق دربه الانجليزي مارك كلاتينبرج، الذي بدأ بشكل مميز، مقدما دعمه الكبير للحكم السعودي، وطالب بحقوقهم الضائعة، والتي تقدر بحوالي الـ (5) ملايين ريال سعودي، مبينا أن ذلك يساعده على تعزيز حضور الحكم السعودي، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب، من أجل ضمان التطور في السلك التحكيمي السعودي.
ومنذ حضوره كان واضحا أن الحكم الانجليزي سيشارك في ادارة بعض المباريات المهمة، وهو ما أثار امتعاض العديد من الحكام والخبراء، فكيف يمكن لحكم يرتكب الأخطاء، ولو الصغيرة منها، محاسبة الحكام الآخرين.
التخبط لدى مارك كلاتينبرج بدأ منذ اعلان معالي المستشار تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للرياضة عن جلب الحكم الأجنبي لإدارة كافة مباريات دوري المحترفين، والبدء في وضع خطة متكاملة لتطوير الحكم السعودي، حيث لم يتمكن من جلب حكام النخبة على مستوى العالم، وتكرر استقطاب بعض الحكام من أصحاب المستوى المتواضع، وهو ما أثار استهجان خبراء كرة القدم السعودية، الذين طالبوا بعودة الحكم السعودي، في ظل الأخطاء الكبيرة التي يقوم بها الحكام الأجانب.
** تخبطات كلاتينبرج
ولعل أبرز تخبطات الحكم الانجليزي تمثلت في الاستعانة بأحد أصدقائه للتواجد رفقته كحكم مساعد، حيث شارك انثوني سيرانو كمساعد ثان لمارك في المباراة التي أدارها بين الهلال والرائد.
الإثارة في هذا القرار، تمثلت في المعلومات التي وصلت من الامارات، والتي أشارت إلى أن انثوني هو حكم ساحة معتزل، ويعمل في دبي كمندوب تسويق مبيعات لإحدى شركات الشاي.
** تقنية الـ (VAR)
وفي الوقت الذي توقع الجميع أن لا يجدد اتحاد الكرة الثقة في كلاتينبرج، واصل الانجليزي عمله كرئيس لجنة الحكام الرئيسية، وتواجد مع الحكام خلال المعسكر الخارجي الذي أقيم في مدينة غرناطة الاسبانية، حيث تتناقل العديد من الأحاديث عن عدم تقديم الحكم الانجليزي الجديد للحكام السعوديين خلال هذا المعسكر، واستأثر بـ «الكم الأكبر» من المحاضرات النظرية التي قدمت لهم، لكن يبقى التقدم الذي تحقق للحكم السعودي على مستوى التعامل مع تقنية الـ (VAR)، والذي شهد اشادة من قبل مسؤول التراخيص لتقنية الفيديو السيد ديرك شالمه، احدى النقاط الايجابية للمعسكر الاسباني.
** إعادة الهيبة
الحلول من أجل اعادة هيبة الحكم السعودي، والرفع من مستواه، قد تحتاج إلى أن تتخذ عبر عدة مراحل، لكن أبرز الحلول المطروحة تتمثل في الاستعانة بخدمات الحكم الايطالي السابق بييرلويجي كولينا، الذي استقال مؤخرا من رئاسة لجنة الحكام بالاتحاد الأوروبي، ليكون البديل للانجليزي كلاتينبرج.
ويعزو الكثيرون السبب في طرح اسم الحكم الشهير «كولينا»، إلى الخبرات المتراكمة التي يمتلكها، سواء أثناء عمله في السلك التحكيمي، أو كخبير ومسؤول عقب اعتزاله، إضافة لصرامته الكبيرة، وقدرته على استخراج أفضل ما يمكن من الحكم، بالاضافة لقدرته على التعامل المميز مع الضغوطات الاعلامية والجماهيرية الكبيرة.
** تشريف الوطن
الآراء المختلفة تتفق على أن إبعاد الحكم السعودي عن ادارة منافسات كأس دوري الأمير محمد بن سلمان للمحترفين، سيتسبب في تراجع أداء الحكم السعودي، الذي يحتاج لإدارة المباريات الجماهيرية، والمحتوية على الكثير من الضغوط، من أجل ضمان الارتقاء بمستواه الفني، ويكون قادرا على تشريف الوطن حين المشاركة في مختلف المحافل الخارجية والدولية.
فهل يعود الحكم السعودي سريعا إلى مكانته الطبيعية؟!، أم تستمر المعاناة لأعوام قادمة، في ظل تأكيد الحكم السعودي المعتزل أحمد فقيهي على أنه يخشى استمرار ابتعاد الحكم عن السلك التحكيمي في ظل غياب الحوافز، وإصرار الحكم السعودي السابق مطرف القحطاني على أن أيادي خفية تقف خلف أخطاء الحكم السعودي.