وقال إنه منشغل بما يمليه عليه قلمه، فأحياناً يبدأها بقصة فتنتهي بمقالة، وأحياناً مقالة فتنتهي بقصيدة أو خاطرة، وربما ذات صباح أبدأها قصة قصيرة جداً فتنتهي ملحمة، لافتاً إلى أن للقصة القصيرة حضورها القوي اليوم في العالم كله، ولعلها هي القادم الأقوى في أزمنة القراءة السريعة والقصيرة عبر الهواتف المحمولة، وأضاف: إنه لا يوجد تكنيك مسبق يفرضه على النص حين يكتبه، ولا يحبذ ذلك، فيحب القصيدة التي تأتي بوزنها كما يقول الشعراء والفكرة التي تأتي بأدواتها كما يعبر الفلاسفة، لتأتي الفكرة كما أرادت نفسها ووفق المبنى الذي تحدده لذاتها، لتأتي بجمال بالغ في مبناها ومعناها وقدرته على جذب المتلقي ليعي كلماته وتعابيره بصورة أكبر وأعمق مستلهماً ومدركاً ومتذوقاً.
وأوضح اليحيائي أن الروائي يعتبر مؤرخا للحياة اليومية وهو وصف دقيق جزئياً، فالتاريخ المباشر للحياة اليومية تقنية روائية يستخدمها البعض هنا وهناك، لكن القارئ المعاصر صار متطلباً أكثر، كما أن التقارب عبر الشبكة العنكبوتية ساوى بين المحلية والعالمية، وأضاف: إن الانشغال بالهم الإنساني هو الظاهرة الأكثر وضوحاً رغم تنوعه واختلافه، والبحث عن تقنيات روائية وموضوعات ملهمة تتلاءم مع هذا الهم هو ما يشغل الروائيين الأكثر ذكاءً.
مجتمع واعٍ
وأشار إلى أن الذي يحتاجه الروائي ليمضي بنصه في فضاء مفتوح لا يحتمل إساءة فهم الرواية وتأويل شخصياتها والخروج بها بعيدا عن الدلالات التي تعنيها، هو أن يكون المجتمع واعياً يتفهم مقاصده وأهدافه، وأن يكون حاملا أميناً لهذه الأفكار وينقلها بأكمل وسيلة ممكنة، روائي متمكن، وناشر مثقف، ومجتمع قارئ وإطار عام مشغول بالوعي، وإننا مقبلون على نهضة ثقافية واعية في مقبل الأيام.
الرواية والريادة
وأكد اليحيائي أن الرواية حالياً وفي العالم كله، تحتل مركز الريادة، لكن الريادة لا تلغي الأجناس الأدبية الأخرى، فالفنون عموماً والأدبية منها خاصة تتنوع ولا تتعارض، وفي السنوات الأخيرة حصل على جائزة نوبل للأدب مبدعون لأجناس أدبية مختلفة مثل الشعر الغنائي، والقصص القصيرة، والرواية التقليدية، والرواية أصوات والشعر، ولهذا دلالاته على التنوع لا التضاد.
وعن تجربة جماعة السرد في الرياض والدمام قال: إن التجربتين جميلتان، ومازالتا قائمتين بنجاح في المدينتين، وفي الرياض وعبر النادي الأدبي منحتُ حرية أكبر في تقديم المبدعين بين قدامى وجدد، وفي الدمام وعبر جمعية الثقافة والفنون أصبح العمل أكثر جماعية وانتظاماً بالنسبة لي، وفي الحالتين ثبت لي أن مردود العمل الجماعي والمؤسسي أقوى بكثير ومراحل من الجهود الفردية، مشيرا إلى أهمية هذه الجهود وتضافرها ليتبلور الدور المؤسسي عبر جهود الأفراد.
مثقف الأمس واليوم
وقال اليحيائي: إن مثقف الأمس كان أكثر جلداً وصبراً على القراءة، فاليوم صرنا نطلب المعلومة السريعة عبر مواقع البحث والتواصل الاجتماعي، وبالأمس كان المثقف أكثر موسوعية ولعله اليوم أكثر تخصصاً، بالأمس كانت بدائل الكتاب قليلة، اليوم البدائل كثيرة، لكننا في كل ما سبق نتحدث عن معرفة ومتابعة لا عن خيال وموهبة، وما نبحث عنه في مثقف وفي كل زمان ومكان هو مجموع هذا كله: المعرفة والخيال الواسع، والموهبة، والقدرة على صياغة ذلك كله بطريقة فنية محفزة وموحية، لافتا إلى أن حضور القصة القصيرة يتزايد ومن الجنسين، ومن يرى عدد المشاركين ويستمع إلى قصص المبدعين وتساؤلات الحاضرين في الأمسيات القصصية يثق بأننا في خضم تقدم ملحوظ في هذا المجال.
قال اليحيائي: إن الذي يحتاجه الروائي ليمضي بنصه في فضاء مفتوح لا يحتمل إساءة فهم الرواية وتأويل شخصياتها، هو أن يكون المجتمع واعياً يتفهم مقاصده وأهدافه، وأن يكون حاملا أميناً لهذه الأفكار وينقلها بأكمل وسيلة ممكنة