رحالة الجنوب، شباب في حيويتهم وطموحاتهم وشيوخ في أعمارهم، انطلقوا مع غرة محرم 1440هـ متجهين من محافظة بلجرشي إلى منطقة عسير، مدينة أبها بالتحديد، وسوف يقطعون خلال الرحلة ما يقارب 350 كم بمعدل 30 إلى 40 كم يوميًا، تشرّفتُ بلقائهم في اليوم الأول لرحلتهم أثناء عودتي من أبها إلى بلجرشي، وكانت فرصة أن أسمع منهم عن الرحلة وأهدافها.
هناك عدة أهداف، منها على سبيل المثال تشجيع الشباب على رياضة المشي لتصبح جزءًا من ثقافتهم خاصة ونحن مجتمع فيه مَن يعاني من السمنة والأمراض؛ نتيجة لسلوكيات خاطئة من أكل وشرب وسهر وكسل، ولا يخفى عليكم ازدحام عيادات التكميم؛ نتيجة البُعد عن رياضة المشي، والهدف الثاني السياحي، فالمنطقة الجنوبية معروفة بتاريخها وجمال مناظرها الطبيعية، واعتدال أجوائها، ويبقى الهدف الأجمل توقيت انطلاق الرحلة والتخطيط للوصول إلى أبها في اليوم الوطني، والسلام على أمير المنطقة أو مَن ينوب عنه، ومشاركة الأهالي الاحتفال بيومنا الوطني، والدعاء بالمغفرة لمن وحّد هذا الكيان، والنصر لمن يذود عن حدوده.
ومن خلال متابعتي لتغطية الرحلة لاحظتُ التفاعل الإيجابي والناتج عن الحِسّ المجتمعي سواء من قِبَل القطاعات الحكومية أو القطاع الخاص مع الرحّالة، كالمستوصفات على الطريق، وأصحاب الشقق المفروشة، واستقبال الأهالي لهم واستضافتهم.
لمَن قد يسأل عن أعمار الرحّالة الثمانية، أعمارهم تتراوح بين 50 و78 سنة، وأن 7 من الثمانية متقاعدون، سؤال للشباب المتكاسل، بعد أن عرفوا أعمار الرحّالة وإصرارهم لقطع هذه المسافة الطويلة، هل نشاهد إقدام شبابنا للانطلاق في رحلات قادمة على أقدامهم بين مدن وطنا الحبيب؟؟
إن استبدال كلمة «متماشي» بدل مفردة (متقاعد) يخلق الشعور بالإيجابية؛ لأن هناك مَن يستخدم كلمة التقاعد بطريقة تبعث في النفس اليأس وفقدان المعنى الحقيقي للاستمتاع بالحياة