الحصول على الشهادة العلمية ينبغي أن يعكس قدرات أكاديمية وعلمية ترتفع مع مستوى تلك الشهادات، وهي في الواقع ليست كسبًا من أجل المباهاة أو أي غرض آخر غير إثبات تأهيل لحياة عملية لا تتوقف على تلك الشهادة فقط، وإنما يجب أن يتبع ذلك مزيد من تطوير الذات والتوسع المعرفي بالعمل في مجال التخصص أو حتى غيره، ولا أريد الوصول إلى استخلاص عباس العقاد حين قال: فائدة الشهادات أننا نجد شيئًا نعلقه على الحائط، أو فيما عني بكلامه، وتلك رؤيته التي قد تحتمل نوعًا من التطرف؛ لأنه وقف بحصيلته الأكاديمية في مرحلة أولية ولم يواصل في دراساته. ولكنه قد يكون محقًا حين نرى مع تطور العصر، شركات عملاقة مثل «جوجل» و«أبل» لم تعد تكترث كثيرًا للشهادات العلمية وإنما تعنى بقدرات الأفراد الراغبين في العمل بها، وما يمكن أن يقدموه ويشكل إضافة لأعمالهم، وذلك مهم بما يجعلنا نعيد النظر في حقيقة قدرات الأفراد دون شهادات، يمكن الحصول عليها بمعدلات متدنية أو بقوة دفع من المؤسسات التعليمية أو بالغش أو اختصار كل ذلك والحصول على شهادات علمية وهمية «مضروبة». ليس هناك بالطبع أسوأ من هذا الفعل القبيح الذي يؤكد أن صاحب الشهادة الوهمية متطلع إلى أعلى دون جهد حقيقي، وصولي، مخادع، كاذب، وبلا أمانة علمية بالطبع، ولو أنه امتلك قدرات من مواهبه الخاصة وعمل على اكتشافها وتطويرها دون مسار علمي يتطلب دراسة مواد قد لا يرغبها أو يرجح أن يرسب فيها لكان أفضل؛ لأن مدرسة الحياة أكبر من أي مؤسسة علمية وتعليمية، بدلًا من الدخول في نفق مظلم ومتاهة يمكن وصفها بكل ما هو سيئ. في استطلاع للرأي أجراه المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام مؤخرًا حول ظاهرة الشهادات الوهمية، أيّد 73% من المشاركين إجراء الفصل من الوظيفة أو المنصب الوظيفي في حالة ثبوت أن الشهادة الوهمية استخدمت في الحصول على الوظيفة. واتفق 94% من السعوديين المشاركين في الاستطلاع على أهمية عدم تجاهل ظاهرة الشهادات الوهمية، وأكد 93.5% من المشاركين على وجوب المساءلة القانونية للحاصلين على الشهادات الوهمية. بصورة عامة ينبغي عدم التهاون مطلقًا مع أصحاب الشهادات الوهمية سواء عملوا عليها أو اشتروها جاهزة، «طلب وتفصيل»، فذلك يشكل إساءة بالغة للمنظومة التعليمية والعلمية، وينطوي على خيانة أمانة، ويجب التشهير بكل صاحب شهادة وهمية؛ لأنه فكر ودبّر أن يصعد على حساب آخرين ممن يملكون القدرات والشهادات الحقيقية، ولا يمكن أن يكون صعوده بكل هذه السهولة، بل ينبغي أن يوضع ذلك في سياق الإجراءات القانونية التي توقع أشد العقوبات على كل مَن يحوز شهادة وهمية لأي غرض كان، حتى لا يضر ذلك بقيمة الشهادات العلمية، ويجعل التعليم العالي أكثر قوة ورفضًا لمثل هذه السلوكيات الشائنة.