وهنا يقتضي الواجب أن ننوّه بموقف رجل المرور وأخلاقه ومروءته، والذي تحمّل تلفظ المواطن المعتدي ومرافقيه، ولم يكترث بتهديده ووعيده، ولا بقوله (دق على عمتك)، واستمر في التزامه على تطبيق النظام دون إساءة بقول أو عمل ودون تردد أيضًا في القيام بواجبه، كما لا بد من الإشارة بدور الجهات الرسمية ذات العلاقة، والتي جعلت الموضوع يسير كما ينبغي في قنواته النظامية التي تحقق العدالة، وتحفظ كرامة رجال المرور والأمن، وفي نفس الوقت توقع الجزاء على المخطئ، وهي بالتأكيد سوف تقوم بنفس الإجراءات لو كان المعتدي مَن يطبق النظام.
ولعل هذه الحادثة تؤكد على أهمية أن تتولى القنوات الإعلامية بأشكالها المختلفة، بل وحتى المؤسسات الثقافية والتعليمية والجمعيات توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم وطرق الحصول على هذه الحقوق وأداء هذه الواجبات؛ لأن محاربة ثقافة (دق على عمتك) من أهم الواجبات التي ينبغي القيام بها إن أردنا تحسين أساليب التواصل والاتصال بين المواطن والمسؤول، بحيث يكون الاحترام المتبادل، وأداء الواجب هو ما يميّزها دون أن يحس أحد الطرفين بالإساءة.. وللقضاء على ذلك فلا نكتفي بتطبيق الأنظمة فقط، بل وتغليظ العقوبات مع الأفراد الذين يتجاوزون الحدود، ويسيئون الأدب مع المواطنين الذين يقومون بأداء واجباتهم في مواقع المسؤولية في المؤسسات والتي شاهدنا العديد منها ليس مع رجال المرور فقط، بل حتى مع الأطباء والممارسين في المستشفيات والمراكز الصحية، وآخرها الاعتداء على أحد المسعفين، والاعتداءات على بعض المعلمين من بعض الطلاب وأقاربهم، وهي وإن كانت ليست بالظاهرة إلا أنها تعود جميعًا إلى ثقافة (دق على عمتك).