إن قائمة مجلة تايم أدرجت أروع الأماكن التي تستحق الزيارة، والمبنى فعلًا جدير بذلك. منذ افتتاحه وهو يجذب سيلًا من الناس لزيارته زيارات متكررة. لعلنا بدأنا باستحياء متأملين المبنى ومحاولين فهم الكتل وارتباطها وقراءة المبنى من الخارج، وربط ذلك بالداخل. أما بعد تلك الزيارة الأولية فتتالت الزيارات لما به من فعاليات ثقافية وتنوّع في المعروضات.
إن مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي هو نقلة نوعية للمنطقة على عدة أصعدة.. فعلى صعيد العمارة ليس لدينا أية مبنى يقترب من مستواه في التصميم، كما أنه لا يشبه مبنى آخر. إن التصميم ينمُّ عن رؤية وجرأة في تخطّي حدود المألوف والمتعارف عليه؛ ليقف شامخًا كرمز لنظرنا باتجاه المستقبل. فنحن عندما نبني الآن لا يُفترض أن نبني لحاضرنا فقط، بل نتخيّل ونتقرب للمستقبل الذي نريد أن نراه ونعيشه.
من الواضح أن مظاهر جودة العمارة والتصميم الممتاز ما زالت شحيحة نوعًا ما على المنطقة الشرقية إلا أن مركز إثراء يرفع سقف التوقعات بشكل عالٍ جدًا لكل ما يأتي من بعده.
المبنى من تصميم مكتب سنوهيتا (Snohetta) النرويجي، وقد تناولت تصميمه في مقالتَين سابقتين بعنوان «مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي ١ و٢».
ولكن لا بد هنا من الإشادة بالعميل، وهم أرامكو السعودية، حيث إنه لا يمكن الارتقاء بالعمارة إن لم يدرك العميل أهميتها ولم يستطع التفريق بين الممتاز والضعيف.. جزء أساسي من العملية هو طلب الأفضل والتأكد من أن ما تم تصميمه هو فعلًا كذلك. إن قيمة المباني التي نعدّها «عمارة» تتعدى تكلفتها بمراحل، فالقيمة ليست بتكلفة المتر المربع؛ لأن العمارة الفعلية لا تُقاس بهذا المقياس. العمارة الجيدة ترفع من جودة حياة مستخدميها وتسعدهم، كما أنها يمكن أن تزيد إنتاجيتهم وولاءهم للمؤسسات. كذلك نجد أنها تساعد في تكوين المجتمعات وغيرها من القيم التي تتعدى الاستثمار المالي في أجزاء المبنى المحسوس. أضف إلى ذلك أن العمارة الجيدة مهمة على مستوى المدينة والتنمية الاقتصادية، كما أنها من المعالم التي تُعرَف بها المدن من جراء تشكيلها خط سماء المدينة وكوجهة سياحية. لا بد من التوضيح أن الهدف من العمارة الجيدة ليس أن يصل المبنى لقائمة ما أو تصنيف معيّن، ولكن عندما تتغلغل الجودة في تفاصيل المباني، وتتميز بالتصميم، فإن التصنيف شهادة وإشادة بما تمّ من بذل.
مركز الملك عبدالعزيز الثقافي هو صرح ثقافي وحضاري ومصدر إلهام وفخر للمنطقة. أما على المستوى الشخصي فإنه مكان لصنع الذكريات القيّمة لآلاف من الذين سوف يزورونه.
مركز إثراء هو فعلًا مكان لإثراء حياة أهل الشرقية وزوارها فإن لم تزوروه بعد، فماذا تنتظرون؟